منه قال وأكل منه ثم قال فقبله وللترمذي من طريق أبى داود الطيالسي فيه فأكله قلت أكله قال قبله وهذا الترديد لهشام بن زيد وقف جده أنسا على قوله أكله فكأنه توقف في الجزم به وجزم بالقبول وقد أخرج الدارقطني من حديث عائشة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرنب وأنا نائمة فخبأ لي منها العجز فلما قمت أطعمني وهذا لو صح لاشعر بأنه أكل منها لكن سنده ضعيف ووقع في الهداية للحنفية أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من الأرنب حين أهدى إليه مشويا وأمر أصحابه بالاكل منه وكأنه تلقاه من حديثين فأوله من حديث الباب وقد ظهر ما فيه والآخر من حديث أخرجه النسائي من طريق موسى بن طلحة عن أبي هريرة جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب قد شواها فوضعها بين يديه فأمسك وأمر أصحابه أن يأكلوا ورجاله ثقات الا انه اختلف فيه على موسى بن طلحة اختلافا كثيرا وفى الحديث جواز أكل الأرنب هو قول العلماء كافة الا ما جاء في كراهتها عن عبد الله بن عمر من الصحابة وعن عكرمة من التابعين وعن محمد بن أبي ليلى من الفقهاء واحتج بحديث خزيمة بن جزء قلت يا رسول الله ما تقول في الأرنب قال لا آكله ولا أحرمه قلت فانى آكل ما لا تحرمه ولم يا رسول الله قال نبئت انها تدمى وسنده ضعيف ولو صح لم يكن فيه دلالة على الكراهة كما سيأتي تقريره في الباب الذي بعده وله شاهد عن عبد الله بن عمرو بلفظ جئ بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأكلها لو لم ينه عنها زعم أنها تحيض أخرجه أبو داود وله شاهد عن عمر عند إسحاق بن راهويه في مسنده وحكى الرافعي عن أبي حنيفة أنه حرمها وغلطه النووي في النقل عن أبي حنيفة وفى الحديث أيضا جواز استثارة الصيد والغدو في طلبه وأما ما أخرجه أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس رفعه من اتبع الصيد غفل فهو محمول على من واظب على ذلك حتى يشغله عن غيره من المصالح الدينية وعيرها وفيه أن آخذ الصيد يملكه بأخذه ولا يشاركه من أثاره معه وفيه هدية الصيد وقبولها من الصائد واهداء الشئ اليسير الكبير القدر إذا علم من حالة الرضا بذلك وفيه أن ولى الصبى يتصرف فيما يملكه الصبى بالمصلحة وفيه استثبات الطالب شيخه عما يقع في حديثه مما يحتمل أنه يضبطه كما وقع لهشام بن زيد مع أنس رضي الله عنه * (قوله باب الضب) هو دويبة تشبه الجردون لكنه أكبر من الجردون ويكنى أبا حسل بمهملتين مكسورة ثم ساكنة ويقال للأنثى ضبة وبه سميت القبيلة وبالخيف من منى جبل يقال له ضب والضب داء في خف البعير ويقال ان لأصل ذكر الضب فرعين ولهذا يقال له ذكران وذكر ابن خالويه ان الضب يعيش سبعمائة سنة وانه لا يشرب الماء ويبول في كل أربعين يوما قطرة ولا يسقط له سن ويقال بل أسنانه قطعة واحدة وحكى غيره ان أكل لحمه يذهب العطش ومن الأمثال لا أفعل كان حتى يرد الضب يقوله من أراد أن لا يفعل الشئ لان الضب لا يرد بل يكتفى بالنسيم وبرد الهواء ولا يخرج من جحره في الشتاء وذكر المصنف في الباب حديثين * الأول حديث ابن عمر (قوله الضب لست آكله ولا أحرمه) كذا أورده مختصرا وقد أخرجه مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد الله ابن دينار بلفظ سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الضب فقال لا آكله ولا أحرمه ومن طريق نافع عن ابن عمر سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد في رواية عن نافع أيضا وهو على المنبر
(٥٧١)