* (قوله باب تعليم الصبيان القرآن) كأنه أشار إلى الرد على من كره ذلك وقد جاءت كراهية ذلك عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وأسنده ابن أبي داود عنهما ولفظ إبراهيم كانوا يكرهون أن يعلموا الغلام القرآن حتى يعقل وكلام سعيد بن جبير يدل على أن كراهة ذلك من جهة حصول الملال له ولفظه عند ابن أبي داود أيضا كانوا يحبون أن يكون يقرأ الصبى بعد حين وأخرج باسناد صحيح عن الأشعث بن قيس انه قدم غلاما صغيرا فعابوا عليه فقال ما قدمته ولكن قدمه القرآن وحجة من أجاز ذلك أنه أدعى إلى ثبوته ورسوخه عنده كما يقال التعلم في الصغر كالنقش في الحجر وكلام سعيد بن جبير يدل على أنه يستحب أن يترك الصبى أولا مرفها ثم يؤخذ الجد على التدريج والحق أن ذلك يختلف بالاشخاص والله وأعلم (قوله عن سعيد بن جبير قال إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم قال وقال ابن عباس توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم) كذا فيه تفسير المفصل بالمحكم من كلام سعيد بن جبير وهو دال على أن الضمير في قوله في الرواية الأخرى فقلت له وما المحكم لسعيد بن جبير وفاعل قلت هو أبو بشر بخلاف ما يتبادر أن الضمير لابن عباس وفاعل قلت سعيد بن جبير ويحتمل أن يكون كل منهما سأل شيخه عن ذلك والمراد بالمحكم الذي ليس فيه منسوخ ويطلق المحكم على ضد المتشابه وهو اصطلاح أهل الأصول والمراد بالمفصل السور التي كثرت فصلوها وهى من الحجرات إلى آخر القرآن على الصحيح ولعل المصنف أشار في الترجمة إلى قول ابن عباس سلوني عن التفسير فانى حفظت القرآن وأنا صغير أخرجه ابن سعيد وغيره باسناد صحيح عنه وقد استشكل عياض قول ابن عباس توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين بما تقدم في الصلاة من وجه آخر عن ابن عباس انه كان في حجة الوداع ناهز الاحتلام وسيأتى في الاستئذان من وجه آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم مات وأنا ختين وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك وعنه أيضا انه كان عند موت النبي صلى الله عليه وسلم ابن خمس عشرة سنة وسبق إلى استشكال ذلك الإسماعيلي فقال حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس يعنى الذي مضى في الصلاة يخالف هذا وبالغ الداودي فقال حديث أبي بشر يعنى الذي في هذا الباب وهم وأجاب عياض بأنه يحتمل أن يكون قوله وأنا ابن عشر سنين راجع إلى حفظ القرآن لا إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ويكون تقدير الكلام توفى النبي صلى الله عليه وسلم وقد جمعت المحكم وأنا ابن عشر سنين ففيه تقديم وتأخير وقد قال عمرو بن علي الفلاس الصحيح عندنا ان ابن عباس كان له عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة قد استكملها ونحوه لأبي عبيد وأسند البيهقي عن مصعب الزبيري انه كان ابن أربع عشرة وبه جزم الشافعي في الام ثم حكى أنه قيل ست عشرة وحكى قول ثلاث عشرة وهو المشهور وأورد البيهقي عن أبي العالية عن ابن عباس قرأت المحكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن اثنتي عشرة فهذه ستة أقوال ولو ورد إحدى عشرة لكانت سبعة لأنها من عشر إلى ست عشرة (قلت) والأصل فيه قول الزبير بن بكار وغيره من أهل النسب ان ولادة ابن عباس كانت قبل الهجر بثلاث سنين وبنو هاشم في الشعب وذلك قبل وفاة أبى طالب ونحوه لأبي عبيد ويمكن الجمع بين مختلف الروايات الا ست عشرة وثنتي عشرة فان كلا منهما لم يثبت سنده والأشهر بأن يكون ناهز الاحتلام لما قارب ثلاث عشرة ثم بلغ لما استكملها
(٧٤)