الحتم أما المنع على الاطلاق فلا والله أعلم * (قوله باب تأليف القرآن) أي جمع آيات السورة الواحدة أو جمع السور مرتبة في المصحف (قوله إن ابن جرير أخبرهم قال وأخبرني يوسف) كذا عندهم وما عرفت ماذا عطف عليه ثم رأيت الواو ساقطة في رواية النسفي وكذا ما وقفت عليه من طرق هذا الحديث (قوله إذ جاءها عراقي) أي رجل من أهل العراق ولم أقف على اسمه (قوله أي الكفن خير قالت ويحك وما يضرك) لعل هذا العراقي كان سمع حديث سمرة المرفوع البسوا من ثيابكم البياض وكفنوا فيها موتاكم فإنها أطهره وأطيب وهو عند الترمذي مصححا وأخرجه أيضا عن ابن عباس فلعل العراقي سمعه فأراد أن يستثبت عائشة في ذلك وكان أهل العراق اشتهروا بالتعنت في السؤال فلهذا قالت له عائشة وما يضرك تعنى أي كفن كفنت فيه أجزأ وقول ابن عرم للذي سأله عن دم البعوض مشهور حيث قال انظروا إلى أهل العراق يسألون عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله لعلى أؤلف عليه القرآن فإنه يقرأ غير مؤلف) قال ابن كثير كأن قصة هذا العراقي كانت قبل أن يرسل عثمان المصحف إلى الآفاق كذا قال وفيه نظر فان يوسف بن ماهك لم يدرك زمان أرسل عثمان المصاحف إلى الآفاق فقد ذكر المزي ان روايته عن أبي بن كعب مرسلة وأبى عاش بعد ارسال المصاحف على الصحيح وقد صرح يوسف في هذا الحديث أنه كان عند عائشة حين سألها هذا العراقي والذي يظهر لي أن هذا العراقي كان ممن يأخذ بقراءة ابن مسعود وكان ابن مسعود لما حضر مصحف عثمان إلى الكوفة لم يوافق على الرجوع عن قراءته ولا على اعدام مصحفه كما سيأتي بيانه بعد الباب الذي يلي هذا فكان تأليف مصحفه مغايرا لتأليف مصحف عثمان ولا شك ان تأليف المصحف العثماني أكثر مناسبة من غيره فلهذا أطلق العراقي انه غير مؤلف وهذا كله على أن السؤال انما وقع عن ترتيب السور ويدل على ذلك قولها له وما يضرك أية قرأت قبل ويحتمل أن يكون أراد تفصيل آيات كل سورة لقوله في آخر الحديث فأملت عليه آي السور أي آيات كل سورة كأن تقول له سورة كذا مثلا كذا كذا آية الأولى كذا الثانية الخ وهذا يرجع إلى اختلاف عدد الآيات وفيه اختلاف بين المدني والشامي والبصري وقد اعتنى أئمة القراء بجمع ذلك وبيان الخلاف فيه والأول أظهر ويحتمل أن يكون السؤال وقع عن الامرين والله أعلم قال ابن بطال لا نعلم أحدا قال بوجود ترتيب السور في القراءة لا داخل الصلاة ولا خارجها بل يجوز أن يقرأ الكهف قبل البقرة والحج قبل الكهف مثل وأما ما جاء عن السلف من النهى عن قراءة القرآن منكوسا فالمراد به أن يقرأ من آخر السورة إلى أولها وكان جماعة يصنعون ذلك في القصيدة من الشعر مبالغة في حفظها وتذليلا للسانه في سردها فمنع السلف ذلك في القرآن فهو حرام فيه وقال القاضي عياض في شرح حديث حذيفة ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاته في الليل بسورة النساء قبل آل عمران هو كذلك في مصحف أبي بن كعب وفيه حجة لمن يقول إن ترتيب السور اجتهاد وليس بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول جمهور العلماء واختاره القاضي الباقلاني قال وترتيب السور ليس بواجب في التلاوة ولا في الصلاة ولا في الدرس ولا في التعليم فلذلك اختلفت المصاحف فلما كتب مصحف عثمان رتبوه على ما هو عليه الآن فلذلك اختلف ترتيب مصاحف الصحابة ثم ذكر نحو كلام ابن بطال ثم قال ولا خلاف ان ترتيب آيات كل سورة على
(٣٦)