ولكن الحكام يحتاطون في ذلك ويسألونها (قلت) وفى أخذ هذا الحكم من هذه القصة نظر لاحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على جلية أمرها أو أخبره بذلك من حضر مجلسه ممن يعرفها ومع هذا الاحتمال لا ينتهض الاستدلال به وقد نص الشافعي على أنه ليس للحاكم أن يزوج امرأة حتى يشهد عدلان أنها ليس لها ولى خاص ولا أنها في عصمة رجل ولا في عدته لكن اختلف أصحابه هل هذا على سبيل الاشتراط أو الاحتياط والثاني المصحح عندهم وفيه أنه لا يشترط في صحة العقد تقدم الخطبة إذ لم يقع في شئ من طرق هذا الحديث وقوع حمد ولا تشهد ولا غيرهما من أركان الخطبة وخالف في ذلك الظاهرية فجعلوها واجبة ووافقهم من الشافعية أبو عوانة فترجم في صحيحه باب وجوب الخطبة عند العقد وفيه أن الكفاءة في الحرية وفى الدين وفى النسب لا في المال لان الرجل كان لا شئ له وقد رضيت به كذا قاله ابن بطال وما أدرى من أين له ان المرأة كانت ذات مال وفيه أن طالب الحاجة لا ينبغي له أن يلح في طلبها بل يطلبها برفق وتأن ويدخل في ذلك طالب الدنيا والدين من مستفت وسائل وباحث عن علم وفيه أن الفقير يجوز له نكاح من علمت بحاله ورضيت به إذا كان واجدا للمهر وكان عاجزا عن غيره من الحقوق لان المراجعة وقعت في وجدان المهر وفقده لا في قدر زائد قاله الباحي وتعقب باحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع من حال الرجل على أنه يقدر على اكتساب قوته وقوت امرأته ولا سيما مع ما كان عليه أهل ذلك العصر من قلة الشئ والقناعة باليسير واستدل به على صحة النكاح بغير شهود ورد بأن ذلك وقع بحضرة جماعة من الصحابة كما تقدم ظاهرا في أول الحديث وقال ابن حبيب هو منسوخ بحديث لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل وتعقب واستدل به على صحة النكاح بغير ولى وتعقب باحتمال أنه لم يكن لها ولى خاص والامام ولى من لا ولى له واستدل به على جواز استمتاع الرجل بشورة امرأته وما يشترى بصداقها لقوله ان لبسته مع أن النصف لها ولم يمنعه مع ذلك من الاستمتاع بنصفه الذي وجب لها بل جوز له لبسه كله وانما وقع المنع لكونه لم يكن له ثوب آخر قاله أبو محمد بن أبي زيد وتعقبه عياض وغيره بأن السياق يرشد إلى أن المراد تعذر الاكتفاء بنصف الازار لا في إباحة لبسه كله وما المانع أن يكون المراد ان كلا منهما يلبسه مهياة لثبوت حقه فيه لكن لما لم يكن للرجل ما يستتر به إذا جاءت نوبتها في لبسه قال له ان لبسته جلست ولا ازار لك وفيه نظر الامام في مصالح رعيته وارشاده إلى ما يصلحهم وفى الحديث أيضا المراوضة في الصداق وخطبة المرء لنفسه وأنه لا يجب اعفاف المسلم بالنكاح كوجوب اطعامه الطعام والشراب قال ابن التين بعد ان ذكر فوائد الحديث فهذه إحدى وعشرون فائدة بوب البخاري على أكثرها (قلت) وقد فصلت ما ترجم به البخاري من غيره ومن تأمل ما جمعته هنا علم أنه يزيد على ما ذكره مقدار ما ذكر أو أكثر ووقع التنصيص على أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا امرأة بخاتم من حديد وهذا هو النكتة في ذكر الخاتم دون غيره من العروض أخرجه البغوي في معجم الصحابة من طريق القعنبي عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده أن رجلا قال يا رسول الله أنكحني فلانة قال ما تصدقها قال ما معي شئ قال لمن هذا الخاتم قال لي قال فاعطها إياه فانكحه وهذا وإن كان ضعيف السند لكنه يدخل في مثل هذه الأمهات * (قوله باب المهر بالعروض وخاتم من حديد) العروض
(١٨٧)