وتعقبه النووي بان الصواب التفصيل لان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كيف وهو غير ثابت (قلت) حديث أبي هريرة الذي قدمته يرشد إليه وهو قوى وقصة ابن الزبير في حديث الباب كذلك وقال ابن الأثير في النهاية انما وقع النهى عن القرآن لان فيه شرها وذلك يزرى بصاحبه أو لان فيه غبنا برفيقه وقيل انما نهى عنه لما كانوا فيه من شدة العيش وقلة الشئ وكانوا مع ذلك يواسون من القليل وإذا اجتمعوا ربما آثر بعضهم بعضا وقد يكون فيهم من اشتد جوعه حتى يحمله ذلك على القرن بين التمرتين أو تعظيم اللقمة فارشدهم إلى الاستئذان في ذلك تطييبا لنفوس الباقين وأما قصة جبلة بن سحيم فظاهرها أنها من أجل الغبن ولكون ملكهم فيه سواء وروى نحوه عن أبي هريرة في أصحاب الصفة انتهى وقد أخرج ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ وهو في مسند البزار من طريق ابن بريدة عن أبيه رفعه كنت نهيتكم عن القرآن في التمر وان الله وسع عليكم فأقرنوا فلعل النووي أشار إلى هذا الحديث فان في اسناده ضعفا قال الحازمي حديث النهى أصح وأشهر الا أن الخطب فيه يسير لأنه ليس من باب العبادات وانما هو من قبيل المصالح الدنيوية فيكتفى فيه بمثل ذلك ويعضده اجماع الأمة على جواز ذلك كذا قال ومراده بالجواز في حال كون الشخص مالكا لذلك المأكول ولو بطريق الاذن له فيه كما قرره النووي والا فلم يجز أحد من العلماء أن يستأثر أحد بمال غيره بغير أذنه حتى لو قامت قرينة تدل على أن الذي وضع الطعام بين الضيفان لا يرضيه استئثار بعضهم على بعض حرم الاستئثار جزما وانما تقع المكارمة في ذلك إذا قامت قرينة الرضا وذكر أبو موسى المديني في ذيل الغريبين عن عائشة وجابر استقباح القرآن لما فيه من الشره والطمع المزري بصاحبه وقال مالك ليس بجميل أن يأكل أكثر من رفقته * (تنبيه) * في معنى التمر الرطب وكذا الزبيب والعنب ونحوهما لوضوح العلة الجامعة قال القرطبي حمل أهل الظاهر هذا النهى على التحريم وهو سهو منهم وجهل بمساق الحديث وبالمعنى وحمله الجمهور على حال المشاركة في الاكل والاجتماع عليه بدليل فهم ابن عمر راويه وهو أفهم للمقال وأقعد بالحال وقد اختلف العلماء فيمن يوضع الطعام بين يديه متى يملكه فقيل بالوضع وقيل بالرفع إلى فيه وقيل غير ذلك فعلى الأول فملكهم فيه سواء فلا يجوز أن يقرن الا بأذن الباقين وعلى الثاني يجوز أن يقرن لكن التفصيل الذي تقدم هو الذي تقتضيه القواعد الفقهية نعم ما يوضع بين يدي الضيفان وكذلك النثار في الأعراس سبيله في العرف سبيل المكارمة لا التشاح لاختلاف الناس في مقدار الاكل وفى الاحتياج إلى التناول من الشئ ولو حمل الامر على تساوى السهمان بينهم لضاق الامر على الواضع والموضوع له ولما ساغ لمن لا يكفيه اليسير أن يتناول أكثر من نصيب من يشبعه اليسير ولما لم يتشاح الناس في ذلك وجرى عملهم على المسامحة فيه عرف أن الامر في ذلك ليس على الاطلاق في كل حالة والله أعلم * (قوله باب القثاء) يأتي شرح حديثه في الباب الذي بعده إن شاء الله تعالى * (قوله باب بركة النخلة) ذكر فيه حديث ابن عمر مختصرا وقد تقدم التنبيه عليه قريبا وانه مر شرحه مستوفى في كتاب العلم * (قوله باب جمع اللونين أو الطعامين بمرة) أي في حالة واحدة ورأيت في بعض الشروح بمرة مرة ولم أر التكرار في الأصول ولعل البخاري لمح إلى تضعيف حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى باناء أو بقعب فيه لبن وعسل فقال أدمان
(٤٩٥)