هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة اذهبي فقد عتق معك بضعك زاد ابن سعد من طريق الشعبي مرسلا فاختاري ويأتي تمام ذلك في شرح الباب الذي بعد هذا ببابين (قوله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاء لمن أعتق) هذه السنة الثانية وقد تقدم بيان سببها مستوفى في العتق والشروط وفى رواية نافع عن ابن عمر الماضية وكذا في عدة طرق عن عائشة انما الولاء لمن أعتق ويستفاد منه أن كلمة انما تفيد الحصر والا لما لزم من اثبات الولاء للمعتق نفيه عن غيره وهو الذي أريد من الخبر ويؤخذ منه أنه لا ولاء للانسان على أحد بغير العتق فينتفى من أسلم على يده أحد وسيأتى البحث فيه في الفرائض وأنه لا ولاء للملتقط خلافا لإسحاق ولا لمن خالف انسانا خلافا لطائفة من السلف وبه قال أبو حنيفة ويؤخذ من عمومه أن الحربي لو أعتق عبدا ثم أسلما أنه ستمر ولاؤه له وبه قال الشافعي وقال ابن عبد البر انه قياس قول مالك ووافق على ذلك أبو يوسف وخالف أصحابه فإنهم قالوا للعتيق في هذه الصورة أن يتولى من يشاء (قوله ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم) زاد في رواية إسماعيل ابن جعفر بيت عائشة (قوله والبرمة تفور بلحم فقرب إليه خبز وأدم) في رواية إسماعيل بن جعفر فدعا بالغداء فأتى بخبر (قوله ألم أر البرمة فيها لحم قالوا بلى ولكن ذاك لحم تصدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة) وقع في رواية الأسود عن عائشة في الزكاة وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بلحم فقالوا هذا ما تصدق به على بريرة وكذا في حديث أنس في الهبة ويجمع بينهما بأنه لما سأل عنه أتى به وقيل له ذلك ووقع في رواية عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة في كتاب الهبة فأهدى لها لحم فقيل هذا تصدق به على بريرة فإن كان الضمير لبريرة فكأنه أطلق على الصدقة عليها هدية لها وإن كان لعائشة فلأن بريرة لما تصدقوا عليها باللحم أهدت منه لعائشة ويؤيده ما وقع في رواية أسامة بن زيد عن القاسم عند أحمد وابن ماجة ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرجل يفور بلحم فقال من أين لك هذا قلت أهدته لنا بريرة وتصدق به عليها وعند أحمد ومسلم من طريق أبى معاوية عن هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة وكان الناس يتصدقون عليها فتهدى لنا وقد تقدم في الزكاة ما يتعلق بهذا المعنى واللحم المذكور وقع في بعض الشروح أنه كان لحم بقر وفيه نظر بل جاء عن عائشة تصدق على مولاتي بشاة من الصدقة فهو أولى أن يؤخذ به ووقع بعد قوله هو عليها صدقة ولنا هدية من رواية أبى معاوية المذكورة فكلوه وسأذكر فوائده بعد بابين إن شاء الله تعالى * (قوله باب خيار الأمة تحت العبد) يعنى إذا عتقت وهذا مصير من البخاري إلى ترجيح قول من قال إن زوج بريرة كان عبدا وقد ترجم في أوائل النكاح بحديث عائشة في قصة بريرة باب الحرة تحت العبد وهو جزم منه أيضا بأنه كان عبدا ويأتي بيان ذلك في الباب الذي يليه واعترض عليه هناك ابن المنير بأنه ليس في حديث الباب ان زوجها كان عبدا واثبات الخيار لها لا يدل لان المخالف يدعى أن لا فرق في ذلك بين الحر والعبد والجواب أن البخاري جرى على عادته من الإشارة إلى ما في بعض طرق الحديث الذي يورده ولا شك أن قصة بريرة لم تتعدد وقد رجح عنده أن زوجها كان عبدا فلذلك جزم به واقتضت الترجمة بطريق المفهوم ان الأمة إذا كانت تحت حر فعتقت لم يكن لها خيار وقد اختلف العلماء في ذلك فذهب الجمهور إلى ذلك وذهب الكوفيون إلى
(٣٥٧)