الظن أن تغيير ذلك من تصرف الرواة والله أعلم (قوله فلما دار إلى حفصة) أي في اليوم الثاني (قوله لا حاجة لي فيه) كأنه اجتنبه لما وقع عنده من توارد النسوة الثلاث على أنه نشأت من شربه له ريح منكرة فتركه حسما للمادة (قوله تقول سودة) زاد ابن أبي أسامة في روايته سبحان الله (قوله والله لقد حرمناه) بتخفيف الراء أي منعناه (قوله قلت لها اسكتي) كأنها خشيت أن يفشو ذلك فيظهر ما دبرته من كيدها لحفصة وفى الحديث من الفوائد ما جبل عليه النساء من الغيرة وان الغيراء تعذر فيما يقع منها من الاحتيال فيما يدفع عنها ترفع ضرتها عليها بأي وجه كان وترجم عليه المصنف في كتاب ترك الحيل ما يكره من احتيال المرأة من الزوج والضرائر وفيه الاخذ بالحزم في الأمور وترك ما يشتبه الامر فيه من المباح خشية من الوقوع في المحذور وفيه ما يشهد بعلو مرتبة عائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى كانت ضرتها تهابها وتطيعها في كل شئ تأمرها به حتى في مثل هذا الامر مع الزوج الذي هو أرفع الناس قدرا وفيه إشارة إلى ورع سودة لما ظهر منها من التندم على ما فعلت لأنها وافقت أولا على دفع ترفع حفصة عليهن بمزيد الجلوس عندها بسبب العسل ورأت أن التوصل إلى بلوغ المراد من ذلك لحسم مادة شرب العسل الذي هو سبب الإقامة لكن أنكرت بعد ذلك أنه يترتب عليه منع النبي صلى الله عليه وسلم من أمر كان يشتهيه وهو شرب العسل مع ما تقدم من اعتراف عائشة الآمرة لها بذلك في صدر الحديث فأخذت سودة تتعجب مما وقع منهن في ذلك ولم تجسر على التصريح بالانكار ولا راجعت عائشة بعد ذلك لما قالت لها اسكتي بل أطاعتها وسكتت لما تقدم من اعتذارها في أنها كانت تهابها وانما كانت تهابها لما تعلم من مزيد حب النبي صلى الله عليه وسلم لها أكثر منهن فخشيت إذا خالفتها أن تغضبها وإذا أغضبتها لا تأمن أن تغير عليها خاطر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحتمل ذلك فهذا معنى خوفها منها وفيه أن عماد القسم الليل وأن النهار يجوز الاجتماع فيه بالجميع لكن بشرط أن لا تقع المجامعة الا مع التي هو في نوبتها كما تقدم تقريره وفيه استعمال الكنايات فيما يستحيا من ذكره لقوله في الحديث فيدنو منهن والمراد فيقبل ونحو ذلك ويحقق ذلك قول عائشة لسودة إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك فقولي له انى أجد كذا وهذا انما يتحقق بقرب الفم من الانف ولا سيما إذا لم تكن الرائحة طافحة بل المقام يقتضى أن الرائحة لم تكن طافحة لأنها لو كانت طافحة لكانت بحيث يدركها النبي صلى الله عليه وسلم ولأنكر عليها عدم وجودها منه فلما أقر على ذلك دل على ما قررناه أنها لو قدر وجودها لكانت خفية وإذا كانت خفية لم تدرك بمجرد المجالسة والمحادثة من غير قرب الفم من الانف والله أعلم * (قوله باب لا طلاق قبل نكاح وقول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا) سقط من رواية أبي ذر لا طلاق قبل نكاح وثبت عنده باب يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات فساق من الآية إلى قوله من عدة وحذف الباقي وقال الآية واقتصر النسفي على قوله باب يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات الآية قال ابن التين احتجاج البخاري بهذه الآية على عدم الوقوع لا دلالة فيه وقال ابن المنير ليس فيها دليل لأنها اخبار عن صورة وقع فيه الطلاق بعد النكاح ولا حصر هناك وليس في السياق ما يقتضيه (قلت) المحتج بالآية لذلك قبل البخاري
(٣٣٣)