عليه وسلم وانما استأذنه النبي صلى الله عليه وسلم تطييبا لنفسه ولعله علم أنه لا يمنع الطارئ وأما توقف الفارسي في الاذن لعائشة ثلاثا وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم من اجابته فأجاب عياض بأنه لعله انما صنع قدر ما يكفي النبي صلى الله عليه وسلم وحده وعلم حاجته لذلك فلو تبعه غيره لم يسد حاجته والنبي صلى الله عليه وسلم اعتمد على ما ألف من امداد الله تعالى له بالبركة وما اعتاده من الايثار على نفسه ومن مكارم الأخلاق مع أهله وكان من شأنه أن لا يراجع بعد ثلاث فلذلك رجع الفارسي عن المنع وفى قوله صلى الله عليه وسلم انه اتبعنا رجل لم يكن معنا حين دعوتنا إشارة إلى أنه لو كان معهم حالة الدعوة لم يحتج إلى الاستئذان عليه فيؤخذ منه أن الداعي لو قال لرسوله ادع فلانا وجلساءه جاز لكل من كان جليسا له أن يحضر معه وإن كان ذلك لا يستحب أو لا يجب حيث قلنا بوجوبه الا بالتعيين وفيه أنه لا ينبغي أن يظهر الداعي الإجابة وفى نفسه الكراهة لئلا يطعم ما تكرهه نفسه ولئلا يجمع الرياء والبخل وصفة ذي الوجهين كذا استدل به عياض وتعقبه شيخنا في شرح الترمذي بأنه ليس في الحديث ما يدل على ذلك بل فيه مطلق الاستئذان والاذن ولم يكلفه أن يطلع على رضاه بقلبه قال وعلى تقدير أن يكون الداعي يكره ذلك في نفسه فينبغي له مجاهدة نفسه على دفع تلك الكراهة وما ذكره من أن النفس تكون بذلك طيبة لا شك أنه أولى لكن ليس في سياق هذه القصة ذلك فكأنه أخذه من غير هذا الحديث والتعقب عليه واضح لأنه ساقه مساق من يستنبطه من حديث الباب وليس ذلك فيه وفى قوله صلى الله عليه وسلم اتبعنا رجل فأبهمه ولم يعينه أدب حسن لئلا ينكسر خاطر الرجل ولا بد أن ينضم إلى هذا أنه اطلع على أن الداعي لا يرده والا فكان يتعين في ثاني الحال فيحصل كسر خاطره وأيضا ففي رواية لمسلم ان هذا اتبعنا ويجمع بين الروايتين بأنه أبهمه لفظا وعينه إشارة وفيه نوع رفق به بحسب الطاقة * (تنبيه) * وقع هنا عند أبي ذر عن المستملى وحده قال محمد بن يوسف وهو الفريابي سمعت محمد إسماعيل هو البخاري يقول إذا كان القوم على المائدة فليس لهم أن يناولوا من مائدة إلى مائدة أخرى ولكن يناول بعضهم بعضا في تلك المائدة أو يدعوا أي يتركوا وكأنه استنبط ذلك من استئذان النبي صلى الله عليه وسلم الداعي في الرجل الطارئ ووجه أخذه منه أن الذين دعوا صار لهم بالدعوة عموم اذن بالتصرف في الطعام المدعو إليه بخلاف من لم يدع فيتنزل من وضع بين يديه الشئ منزلة من دعى له أو ينزل الشئ الذي وضع بين يدي غيره منزلة من لم يدع إليه وأغفل من وقفت على كلامه من الشراح التنبيه على ذلك * (قوله باب من أضاف رجلا وأقبل هو على عمله) أشار بهذه الترجمة إلى أنه لا يتحتم على الداعي ان يأكل مع المدعو وأورد فيه حديث أنس في قصة الخياط وقد تقدم شرحه مستوفى وقد تعقبه الإسماعيلي بأن قوله وأقبل على عمله ليس فيه فائدة قال وانما أراد البخاري ايراده من رواية النضر بن شميل عن ابن عون (قلت) بل لترجمته فائدة ولا مانع من إرادة الفائدتين الاسنادية والمتنية ومع اعتراف الإسماعيلي بغرابة الحديث من حديث النضر فإنما أخرجه من رواية أزهر عن ابن عون فكأنه لم يقع له من حديث النضر وقال ابن بطال لا أعلم في اشتراط أكل الداعي مع الضيف الا أنه أبسط لوجهه وأذهب لاحتشامه فمن فعل فهو أبلغ في قرى الضيف ومن ترك فجائز وقد تقدم في قصة أضياف أبى بكر انهم امتنعوا أن يأكلوا حتى يأكل معهم وانه أنكر ذلك * (قوله باب
(٤٨٧)