هذا على من انا بين ظهريه فكيف بمن لم أره وأخرج ابن المبارك في الزهد من طريق سعيد ابن المسيب قال ليس من يوم الا يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أمته غدوة وعشية فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم ففي هذا المرسل ما يرفع الاشكال الذي تضمنه حديث ابن فضالة والله أعلم قال ابن بطال انما بكى صلى الله عليه وسلم عند تلاوته هذه الآية لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لامته بالتصديق وسؤاله الشفاعة لأهل الموقف وهو أمر يحق له طول البكاء انتهى والذي يظهر انه بكى رحمة لامته لأنه علم أنه لا بد أن يشهد عليهم بعملهم وعملهم قد لا يكون مستقيما فقد يفضى إلى تعذيبهم والله أعلم * (قوله باب اثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به) كذا للأكثر وفى رواية رأيا بتحتانية بدل الهمزة وتأكل أي طلب الاكل وقوله أو فجر به للأكثر بالجيم وحكى ابن التين ان في رواية بالخاء المعجمة ثم ذكر في الباب ثلاثة أحاديث * أحدها حديث على في ذكر الخوارج وقد تقدم في علامات النبوة وأغرب الداودي فزعم أنه وقع هنا عن سويد بن غفلة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال واختلف في صحبه سويد والصحيح ما هنا انه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم كذا قال معتمدا على الغلط الذي نشأ له عن السقط والذي في جميع نسخ صحيح البخاري عن سويد ابن غفلة عن علي رضي الله عنه قال سمعت وكذا في جميع المسانيد وهو حديث مشهور لسويد ابن غفلة عن علي ولم يسمع سويد من النبي صلى الله عليه وسلم على الصحيح وقد قيل إنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح والذي يصح انه قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح سماعه من الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة وصح انه أدى صدقة ماله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو نعيم مات سنة ثمانين وقال أبو عبيد سنة إحدى وقال عمرو ابن علي سنة اثنتين وبلغ مائة وثلاثين سنة وهو جعفي يكنى أبا أمية نزل الكوفة ومات بها وسيأتى البحث في قتال الخوارج في كتاب المحاربين وقوله الأحلام أي العقول وقوله يقولون من قول خير البرية هو من المقلوب والمراد من قول خير البرية أي من قول الله وهو المناسب للترجمة وقوله لا يجاوز حناجرهم قال الداودي يريد أنهم تعلقوا بشئ منه (قلت) إن كان مراده بالتعلق الحفظ فقط دون العلم بمدلوله فعسى أن يتم له مراده والا فالذي فهمه الأئمة من السياق ان المراد ان الايمان لم يرسخ في قلوبهم لان ما وقف عند الحلقوم فلم يتجاوزه لا يصل إلى القلب وقد وقع في حديث حذيفة نحو حديث أبي سعيد من الزيارة لا يجاوز تراقيهم ولا تعيه قلوبهم * الحديث الثاني حديث أبي سلمة عن أبي سعيد في ذكر الخوارج أيضا وسيأتى شرحه أيضا في استتابة المرتدين وتقدم من وجه آخر في علامات النبوة ومناسبة هذين الحديثين للترجمة ان القراءة إذا كانت لغير الله فهي للرياء أو للتأكل به ونحو ذلك فالأحاديث الثلاثة دالة لأركان الترجمة لان منهم من رأيا به واليه الإشارة في حديث أبي موسى ومنهم من تأكل به وهو مخرج من حديثه أيضا ومنهم من فجر به وهو مخرج من حديث على وأبى سعيد وقد أخرج أبو عبيد في فضائل القرآن من وجه آخر عن أبي سعيد وصححه الحاكم رفعه تعلموا القرآن واسألوا الله به قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا فان القرآن يتعلمه ثلاثة نفر رجل يباهى به ورجل يستأكل به ورجل يقرؤه لله وعند ابن أبي شيبة من حديث ابن
(٨٦)