فنزلت أنفقوا من طيبات ما كسبتم الآية قال فلهذا المعنى كره لعائشة الصدقة بالضب لا لكونه حراما اه وهذا يدل على أنه فهم عن محمد أن الكراهة فيه للتحريم والمعروف عن أكثر الحنفية فيه كراهة التنزيه وجنح بعضهم إلى التحريم وقال اختلفت الأحاديث وتعذرت معرفة المتقدم فرجحنا جانب التحريم تقليلا للنسخ اه ودعواه التعذر ممنوعة لها تقدم والله أعلم ويتعجب من ابن العربي حيث قال قولهم إن الممسوخ لا ينسل دعوى فإنه أمر لا يعرف بالعقل وانما طريقه النقل وليس فيه أمر يعول عليه كذا قال وكأنه لم يستحضره من صحيح مسلم ثم قال وعلى تقدير ثبوت كون الضب ممسوخا فذلك لا يقتضى تحريم أكله لان كونه آدميا قد زال حكمه ولم يبق له أثر أصلا وانما كره صلى الله عليه وسلم الاكل منه لما وقع عليه من سخط الله كما كره الشرب من مياه ثمود اه ومسئلة جواز أكل الآدمي إذا مسخ حيوانا مأكولا لم أرها في كتب فقهائنا وفى الحديث أيضا الاعلام بما شك فيه لايضاح حكمه وأن مطلق النفرة وعدم الاستطابة لا يستلزم التحريم وان المنقول عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يعيب الطعام انما هو فيما صنعه الآدمي لئلا ينكسر خاطره وينسب إلى التقصير فيه وأما الذي خلق كذلك فليس نفور الطبع منه ممتنعا وفيه أن وقوع مثل ذلك ليس بمعيب ممن يقع منه خلافا لبعض المتنطعة وفيه أن الطباع تختلف في النفور عن بعض المأكولات وقد يستنبط منه أن اللحم إذا أنتن لم يحرم لان بعض الطباع لا تعافه وفيه دخول أقارب الزوجة بيتها إذا كان بإذن الزوج أو رضاه وذهل ابن عبد البر هنا ذهولا فاحشا فقال كان دخول خالد بن الوليد بيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة قبل نزول الحجاب وغفل عما ذكره هو ان اسلام خالد كان بين عمرة القضية والفتح وكان الحجاب قبل ذلك اتفاقا وقد وقع في حديث الباب قال خالد أحرام هو يا رسول الله فلو كانت القصة قبل الحجاب لكانت قبل اسلام خالد ولو كانت قبل اسلامه لم يسأل عن حلال ولا حرام ولا خاطب بقوله يا رسول الله وفيه جواز الأكل من بيت القريب والصهر والصديق وكأن خالدا ومن وافقه في الاكل أرادوا جبر قلب الذي أهدته أو لتحقق حكم الحل أو لامتثال قوله صلى الله عليه وسلم كلوا وفهم من لم يأكل أن الامر فيه للإباحة وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤاكل أصحابه ويأكل اللحم حيث تيسر وأنه كان لا يعلم من المغيبات الا ما علمه الله تعالى وفيه وفور عقل ميمونة أم المؤمنين وعظيم نصيحتها للنبي صلى الله عليه وسلم لأنها فهمت مظنة نفوره عن أكله بما استقرت منه فخشيت أن يكون ذلك كذلك فيتأذى بأكله لاستقذاره له فصدقت فراستها ويؤخذ منه أن من خشى أن يتقذر شيئا لا ينبغي أن يدلس له لئلا يتضرر به وقد شوهد ذلك من بعض الناس * (قوله باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب) أي هل يفترق الحكم أو لا وكأنه ترك الجزم بذلك لقوة الاختلاف وقد تقدم في الطهارة ما يدل على أنه يختار أنه لا ينجس الا بالتغير ولعل هذا هو السر في ايراده طريق يونس المشعرة بالتفصيل (قوله عن ميمونة) تقدم في أواخر كتاب الوضوء بيان الاختلاف فيه على الزهري في اثبات ميمونة في الاسناد وعدمه وأن الراجح اثباتها فيه وتقدم هناك الاختلاف على مالك في وصله وانقطاعه (قوله فقال ألقوها وما حولها) هكذا أورده أكثر أصحاب ابن
(٥٧٦)