يحرم وحجتهم هذا الحديث الصحيح وألزم الشافعي المالكية في هذه المسئلة برد أصلهم بتقديم عمل أهل المدينة ولو خالف الحديث الصحيح إذا كان من الآحاء لما رواه عن عبد العزيز بن محمد عن ربيعة من أن لبن الفحل لا يحرم قال عبد العزيز بن محمد وهذا رأى فقهائنا الا الزهري فقال الشافعي لا نعلم شيئا من علم الخاصة أولى بأن يكون عاما ظاهرا من هذا وقد تركوه للخبر الوارد فيلزمهم على هذا اما أن يردوا هذا الخبر وهم ولم يردوه أو يردوا ما خالف الخبر وعلى كل حال هو المطلوب قال القاضي عبد الوهاب يتصور تجريد لبن الفحل برجل له امرأتان ترضع إحداهما صبيا والاخرى صبية فالجمهور قالوا يحرم على الصبى تزويج الصبية وقال من خالفهم يجوز واستدل به على أن من ادعى الرضاع وصدقه الرضيع يثبت حكم الرضاع بينهما ولا يحتاج إلى بينة لان أفلح ادعى وصدقته عائشة وأذن الشارع بمجرد ذلك وتعقب باحتمال أن يكون الشارع اطلع على ذلك من غير دعوى أفلح وتسليم عائشة واستدل به على أن قليل الرضاع يحرم كما يحرم كثيرة لعدم الاستفصال فيه ولا حجة فيه لأن عدم الذكر لا يدل على العدم المحض وفيه ان من شك في حكم يتوقف عن العمل حتى يسأل العلماء عنه وان من اشتبه عليه الشئ طالب المدعى ببيانه ليرجع إليه أحدهما وان العالم إذا سئل يصدق من قال الصواب فيها وفيه وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب ومشروعة استئذان المحرم على محرمه وان المرأة لا تأذن في بيت الرجل الا باذنه وفيه جواز التسمية بأفلح ويؤخذ منه ان المستفتى إذا بادر بالتعليل قبل سماع الفتوى أنكر عليه لقوله لها تربت يمينك فان فيه إشارة إلى أنه كان من حقها ان تسأل عن الحكم فقط ولا تعلل وألزم به بعضهم من أطلق من الحنفية القائلين ان الصحابي إذا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا وصح عنه ثم صح عنه العمل بخلافه ان العمل بما رأى لا بما روى لان عائشة صح عنها ان لا اعتبار بلبن الفحل ذكره مالك في الموطأ وسعيد بن منصور في السنن وأبو عبيد في كتاب النكاح باسناد حسن وأخذ الجمهور ومنهم الحنفية بخلاف ذلك وعملوا بروايتها في قصة أخي أبى القعيس وحرموه بلبن الفحل فكان يلزمهم على قاعدتهم أن يتبعوا عمل عائشة ويعرضوا عن روايتها ولو كان روى هذا الحكم غير عائشة لكان لهم معذرة لكنه لم يروه غيرها وهو الزام قوى * (قوله باب شهادة المرضعة) أي وحدها وقد تقدم بيان الاختلاف في ذلك في كتاب الشهادات وأغرب ابن بطال هنا فنقل الاجماع على أن شهادة المرأة وحدها لا تجوز في الرضاع وشبهه وهو عجيب منه فإنه قول جماعة من السلف حتى أن عند المالكية رواية انها تقبل وحدها لكن بشرط فشو ذلك في الجيران (قوله علي بن عبد الله) هو ابن المديني وإسماعيل ابن إبراهيم هو المعروف بابن علية وعبيد بن أبي مريم مكي ماله في الصحيح سوى هذا الحديث ولا أعرف من حاله شيا الا ان ابن حبان ذكره في ثقات التابعين وقد أوضحت في الشهادات بيان الاختلاف في اسناده على ابن أبي مليكة وان العمدة فيه على سماع ابن أبي مليكة له من عقبة بن الحرث نفسه وتقدم تسمية المرأة المعبر عنها هنا بفلانة بنت فلان وتسمية أبيها وأما المرضعة السوداء فما عرفت اسمها بعد (قوله فاعرض عنى) في رواية المستملى فأعرض عنه وفيه التفات (قوله دعها عنك وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى يحكى أيوب) يعنى يحكى إشارة أيوب والقائل على والحاكي إسماعيل والمراد حكاية فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث أشار
(١٣١)