ومن وافقه والقياس مع الآخرين فيتردد الحال بين ظن نشأ عن قياس وبين ظن نشأ عن ظاهر الخبر مع ما تحتمله الواقعة من الخصوصية وهى وإن كانت على خلاف الأصل لكن يتقوى ذلك بكثرة خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح وخصوصا خصوصيته بتزويج الواهبة من قوله تعالى وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي الآية ومن جزم بان ذلك كان من الخصائص يحيى بن أكتم فيما أخرجه البيهقي قال وكذا نقله المزنى عن الشافعي قال وموضع الخصوصية أنه أعتقها مطلقا وتزوجها بغير مهر ولا ولى ولا شهود وهذا بخلاف غيره وقد أخرج عبد الرزاق جواز ذلك عن علي وجماعة من التابعين ومن طريق إبراهيم النخعي قال كانوا يكرهون أن يعتق أمته ثم يتزوجها ولا يرون بأسا أن يجعل عتقها صداقها وقال القرطبي منع من ذلك مالك وأبو حنيفة لاستحالته وتقرر استحالته بوجهين أحدهما أن عقدها على نفسها اما أن يقع قبل عتقها وهو محال لتناقض الحكمين الحرية والرق فان الحرية حكمها الاستقلال والرق ضده وأما بعد العتق فلزوال حكم الجبر عنها بالعتق فيجوز أن لا ترضى وحينئذ لا تنكح الا برضاها الوجه الثاني أنا إذا جعلنا العتق صداقا فاما أن يتقرر العتق حالة الرق وهو محال لتناقضهما أو حالة الحرية فيلزم سبقيته على العقد فيلزم وجود العتق حالة فرض عدمه وهو محال لان الصداق لا بد أن يتقدم تقرره على الزوج اما نصا واما حكما حتى تملك الزوجة طلبه فان اعتلوا بنكاح التفويض فقد تحرزنا عنه بقولنا حكما فإنها وان لم يتعين لها حالة العقد شئ لكنها تملك المطالبة فثبت أنه يثبت لها حالة العقد شئ تطالب به الزوج ولا يتأتى مثل ذلك في العتق فاستحال أن يكون صداقا وتعقب ما ادعاه من الاستحالة بجواز تعليق الصداق على شرط إذا وجد استحقته المرأة كأن يقول تزوجتك على ما سيستحق لي عند فلان وهو كذا فإذا حل المال الذي وقع العقد عليه استحقته وقد أخرج الطحاوي من طريق نافع عن ابن عمر في قصة جويرية بنت الحرث أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل عتقها صداقها وهو مما يتأيد به حديث أنس لكن أخرج أبو داود من طريق عروة عن عائشة في قصة جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما جاءت تستعين به في كتابتها هل لك أن أقضى عنك كتابتك وأتزوجك قالت قد فعلت وقد استشكله ابن حزم بأنه يلزم منه إن كان أدى عنها كتابتها أن يصير ولاؤها لمكاتبها وأجيب بأنه ليس في الحديث التصريح بذلك لان معنى قولها قد فعلت رضيت فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم عوض ثابت بن قيس عنها فصارت له فاعتقها وتزوجها كما صنع في قصة صفية أو يكون ثابت لما بلغته رغبة النبي صلى الله عليه وسلم وهبها له وفى الحديث أن للسيد تزويج أمته إذا أعتقها من نفسه ولا يحتاج إلى ولى ولا حاكم وفيه اختلاف يأتي في باب إذا كان الولي هو الخاطب بعد نيف وعشرين بابا قال ابن الجوزي فان قيل ثواب العتق عظيم فكيف قوته حيث جعله مهرا وكان يمكن جعل المهر غيره فالجواب ان صفية بنت ملك ومثلها لا يقنع الا بالمهر الكثير ولم يكن عنده صلى الله عليه وسلم إذا ذاك ما يرضيها ولم ير أن يقتصر فجعل صداقها نفسها وذلك عندها أشرف من المال الكثير * (قوله باب تزويج المعسر) تقدم في أوائل كتاب النكاح باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والاسلام وهذه الترجمة أخص من تلك وعلق هناك حديث سهل الذي أورده في هذا الباب مبسوطا وسيأتى شرحه بعد ثلاثين بابا
(١١٢)