دقيق العيد يحتمل أن لا يضره في دينه أيضا ولكن يبعده انتفاء العصمة وتعقب بان اختصاص من خص بالعصمة بطريق الوجوب لا بطريق الجواز فلا مانع أن يوجد من لا يصدر منه معصية عمدا وان لم يكن ذلك واجبا له وقال الداودي معنى لم يضره أي لم يفتنه عن دينه إلى الكفر وليس المراد عصمته منه عن المعصية وقيل لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه كما جاء عن مجاهد ان الذي يجامع ولا يسمى يلتف الشيطان على احليله فيجامع معه ولعل هذا أقرب الأجوبة ويتأيد الحمل على الأول بأن الكثير ممن يعرف هذا الفضل العظيم يذهل عنه عند إرادة المواقعة والقليل الذي قد يستحضره ويفعله لا يقع معه الحمل فإذا كان ذلك نادرا لم يبعد وفى الحديث من الفوائد أيضا استحباب التسمية والدعاء والمحافظة على ذلك حتى في حالة الملاذ كالوقاع وقد ترجم عليه المصنف في كتاب الطهارة وتقدم ما فيه وفيه الاعتصام بذكر الله ودعائه من الشيطان والتبرك باسمه والاستعاذة به من جميع الأسواء وفيه الاستشعار بأنه الميسر لذلك العمل والمعين عليه وفيه إشارة إلى أن الشيطان ملازم لابن آدم لا ينطرد عنه الا إذا ذكر الله وفيه رد على منع المحدث أن يذكر الله ويخدش فيه الرواية المتقدمة إذا أراد أن يأتي وهو نظير ما وقع من القول عند الخلاء وقد ذكر المصنف ذلك وأشار إلى الرواية التي فيها إذا أراد أن يدخل وتقدم البحث فيه في كتاب الطهارة بما يغنى عن اعادته * (قوله باب الوليمة حق) هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه الطبراني من حديث وحشى بن حرب رفعه الوليمة حق والثانية معروف والثالثة فخر ولمسلم من طريق الزهري عن الأعرج وعن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال شر الطعام طعام الوليمة يدعى الغنى ويترك المسكين وهى حق الحديث ولابى الشيخ والطبراني في الأوسط من طريق مجاهد عن أبي هريرة رفعه الوليمة حق وسنة فمن دعى فلم يجب فقد عصى الحديث وسأذكر حديث زهير بن عثمان في ذلك وشواهده بعد ثلاثة أبواب وروى أحمد من حديث بريدة قال لما خطب على فاطمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انه لا بد للعروس من وليمة وسنده لا بأس به قال ابن بطال قوله الوليمة حق أي ليست بباطل بل يندب إليها وهى سنة فضيلة وليس المراد بالحق الوجوب ثم قال ولا أعلم أحدا أوجبها كذا قال وغفل عن رواية في مذهبه بوجوبها نقلها القرطبي وقال إن مشهور المذهب أنها مندوبة وابن التين عن أحمد لكن الذي في المغنى أنها سنة بل وافق ابن بطال في نفى الخلاف بين أهل العلم في ذلك قال وقال بعض الشافعية هي واجبة لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها عبد الرحمن بن عوف ولان الإجابة إليها واجبة فكانت واجبة وأجاب بأنه طعام لسرور حادث فأشبه سائر الأطعمة والامر محمول على الاستحباب بدليل ما ذكرناه ولكونه أمره بشاة وهى غير واجبة اتفاقا وأما البناء فلا أصل له (قلت) وسأذكر مزيدا في باب إجابة الداعي قريبا والبعض الذي أشار إليه من الشافعية هو وجه معروف عندهم وقد جزم به سليم الرازي وقال إنه ظاهر نص الام ونقله عن النص أيضا الشيخ أبو إسحاق في المهذب وهو قول أهل الظاهر كما صرح به ابن حزم وأما سائر الدعوات غيرها فسيأتي البحث فيه بعد ثلاثة أبواب (قوله وقال عبد الرحمن بن عوف قال لي النبي صلى الله عليه وسلم أولم ولو بشاة) هذا طرف من حديث طويل وصله المصنف في أول البيوع من حديث عبد الرحمن بن عوف نفسه ومن حديث أنس أيضا وسأذكر شرحه مستوفى
(١٩٨)