عن أبي هريرة فليدعه فليأكل معه فإن لم يفعل وفاعل أبى وكذا ان لم يفعل يحتمل أن يكون السيد والمعنى إذا ترفع عن مؤاكلة غلامه ويحتمل ان يكون الخادم إذا تواضع عن مؤاكلة سيده ويؤيد الاحتمال الأول أن في رواية جابر عند أحمد أمرنا أن ندعوه فان كره أحدنا أن يطعم معه فليطعمه في يده واسناده حسن (قوله فليناوله أكلة أو أكلتين) بضم الهمزة أي اللقمة واو للتقسيم بحسب حال الطعام وحال الخادم وقوله أو لقمة أو لقمتين هو شك من الراوي وقد رواه الترمذي بلفظ لقمة فقط وفى رواية مسلم تقييد ذلك بما إذا كان الطعام قليلا ولفظه فإن كان الطعام مشفوها قليلا وفى رواية أبى داود يعنى قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين قال أبو داود يعنى لقمة أو لقمتين ومقتضى ذلك أن الطعام إذا كان كثيرا فاما أن يقعده معه واما أن يجعل حظه منه كثيرا (قوله فإنه ولى حره) أي عند الطبخ (وعلاجه) أي عند تحصيل آلاته وقبل وضع القدر على النار ويؤخذ من هذا أن في معنى الطباخ حامل الطعام لوجود المعنى فيه وهو تعلق نفسه به بل يؤخذ منه الاستحباب في مطلق خدم المرء ممن يعاني ذلك والى ذلك يومئ اطلاق الترجمة وفى هذا تعليل الامر المذكور وإشارة إلى أن للعين حظا في المأكول فينبغي صرفها باطعام صاحبها من ذلك الطعام لتسكن نفسه فيكون أكف لشره قال المهلب هذا الحديث يفسر حديث أبي ذر في الامر بالتسوية مع الخادم في المطعم والملبس فإنه جعل الخيار إلى السيد في اجلاس الخادم معه وتركه (قلت) وليس في الامر في قوله في حديث أبي ذر أطعموهم مما تطعمون الزام بمؤاكلة الخادم بل فيه أن لا يستأثر عليه بشئ بل يشركه في كل شئ لكن بحسب ما يدفع به شر عينه وقد نقل ابن المنذر عن جميع أهل العلم أن الواجب اطعام الخادم من غالب القوت الذي يأكل منه مثله في تلك البلد وكذلك القول في الأدم والكسوة وان للسيد أن يستأثر بالنفيس من ذلك وإن كان الأفضل أن يشرك معه الخادم في ذلك والله أعلم واختلف في حكم هذا الامر بالاجلاس أو المناولة فقال الشافعي بعد ان ذكر الحديث هذا عندنا والله أعلم على وجهين * أولهما بمعناه أن اجلاسه معه أفضل فإن لم يفعل فليس بواجب أو يكون بالخيار بين أن يجلسه أو يناوله وقد يكون أمره اختيارا غير حتم اه ورجح الرافعي الاحتمال الأخير وحمل الأول على الوجوب ومعناه أن الاجلاس لا يتعين لكن ان فعله كان أفضل والا تعينت المناولة ويحتمل ان الواجب أحدهما لا بعينه * والثاني أن الامر للندب مطلقا * (تنبيه) * في قوله في رواية مسلم فإن كان الطعام مشفوها بالشين المعجمة والفاء فسره بالقليل وأصله الماء الذي تكثر عليه الشفاه حتى يقل إشارة إلى أن محل الاجلاس أو المناولة ما إذا كان الطعام قليلا وانما كان كذلك لأنه إذا كان كثيرا وسع السيد والخادم وقد تقدم أن العلة في الامر بذلك أن تسكن نفس الخادم بذلك وهو حاصل مع الكثرة دون القلة فان القلة مظنة أن لا يفضل منه شئ ويؤخذ من قوله فإن كان مشفوها أن الامر الوارد لمن طبخ بتكثير المرق ليس على سبيل الوجوب والله أعلم * (قوله باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر فيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم) هذا الحديث من الأحاديث المعلقة التي لم تقع في هذا الكتاب موصولة وقد أخرجه المصنف في التاريخ والحاكم في المستدرك من رواية سليمان بن بلال عن محمد بن عبد الله ابن أبي حرة بضم المهملة وتشديد الراء عن عمه حكيم بن أبي حرة عن سليمان الأغر عن أبي هريرة
(٥٠٣)