سؤال الرجل عما لم يعهده في بيته ولا يرد على هذا ما تقدم في قصة أم زرع حيث وقع في سياق المدح ولا يسأل عما عهد لان معناه كما تقدم ولا يسأل عن شئ عهده وفات فلا يقول لأهله أين ذهب وهنا سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شئ رآه وعاينه ثم أحضر له غيره فسال عن سبب ذلك لان يعلم أنهم لا يتركون احضاره له شحا عليه بل لتوهم تحريمه فأراد أن يبين لهم الجواز وقال ابن دقيق العيد فيه دلالة على تبسط الانسان في السؤال عن أحوال منزله وما عهده فيه قبل والأول أظهر وعندي أنه مبنى على خلاف ما انبتى عليه الأول لان الأول بنى على أنه علم حقيقة الامر في اللحم وأنه مما تصدق به على بريرة والثاني بنى على أنه لم يتحقق من أين هو فجائز أن يكون مما أهدى لأهل بيته من بعض ألزامها كأقاربها مثلا ولم يتعين الأول وفيه أنه لا يجب السؤال عن أصل المال الواصل إليه إذا لم يظن تحريمه أو تظهر فيه شبهة إذا لم يسأل صلى الله عليه وسلم عمن تصدق على بريرة ولا عن حاله كذا قيل وقد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أرسل إلى بريرة بالصدقة فلم يتم هذا * (قوله باب قول الله سبحانه ولا تنكحوا المشركات) كذا للأكثر وساق في رواية كريمة إلى قوله ولو أعجبتكم ولم يبت البخاري حكم المسئلة لقيام الاحتمال عنده في تأويلها فالأكثر أنها على العموم وأنها خصت بآية المائدة وعن بعض السلف أن المراد بالمشركات هنا عبدة الأوثان والمجوس حكاه ابن المنذر وغيره ثم أورد المصنف فيه قول ابن عمر في نكاح النصرانية وقوله لا أعلم من الاشراك شيئا أكثر من أن تقول المرأة ربها عيسى وهذا مصير منه إلى استمرار حكم عموم آية البقرة فكأنه يرى أن آية المائدة منسوخة وبه جزم إبراهيم الحربي ورده النحاس فحمله على التورع كما سيأتي وذهب الجمهور إلى أن عموم آية البقرة خص بآية المائدة وهى قوله والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم فبقى سائر المشركات على أصل التحريم وعن الشافعي قول آخر أن عموم آية البقرة أريد به خصوص آية المائدة وأطلق ابن عباس أن آية البقرة منسوخة بآية المائدة وقد قيل إن ابن عمر شذ بذلك فقال ابن المنذر لا يحفظ عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك اه لكن أخرج ابن أبي شيبة بسند حسن أن عطاء كره نكاح اليهوديات والنصرانيات وقال كان ذلك والمسلمات قليل وهذا ظاهر في أنه خص الإباحة بحال دون حال وقال أبو عبيد المسلمون اليوم على الرخصة وروى عن عمر أنه كان يأمر بالتنزه عنهن من غير أن يحرمهن وزعم ابن المرابط تبعا للنحاس وغيره أن هذا مراد ابن عمر أيضا لكنه خلاف ظاهر السياق لكن الذي احتج به ابن عمر يقتضى تخصيص المنع بمن يشرك من أهل الكتاب لا من يوحد وله أن يحمل آية الحل على من لم يبدل دينه منهم وقد فصل كثير من العلماء كالشافعية بين من دخل آباؤها في ذلك الدين قبل التحريف أو النسخ أو بعد ذلك وهو من جنس مذهب ابن عمر بل يمكن أن يحمل عليه وتقدم بحث في ذلك في الكلام على حديث هرقل في كتاب الايمان فذهب الجمهور إلى تحريم النساء المجوسيات وجاء عن حذيفة أنه تسرى بمجوسية أخرجه ابن أبي شيبة وأورده أيضا عن سعيد بن المسيب وطائفة وبه قال أبو ثور وقال ابن بطال هو محجوج بالجماعة والتنزيل وأجيب بأنه لا اجماع مع ثبوت الخلاف عن بعض الصحابة والتابعين وأما التنزيل فظاهره أن المجوس ليسوا أهل كتاب لقوله تعالى أن تقولوا انما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا لكن لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الجزية من
(٣٦٧)