الصحفة وعلى هذا حمله جميع من شرح هذا الحديث وقالوا فيه إشارة إلى عدم مؤاخذة الغيراء بما يصدر منها لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوبا بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة وقد أخرج أبو يعلى بسند لا بأس به عن عائشة مرفوعا ان الغيراء لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه قاله في قصة وعن ابن مسعود رفعه ان الله كتب الغيرة على النساء فمن صبر منهن كان لها أجر شهيد أخرجه البزار وأشار إلى صحته ورجاله ثقات لكن اختلف في عبيد بن الصباح منهم وفى اطلاق الداودي على سارة أنها أم المخاطبين نظر أيضا فإنهم ان كانوا من بنى إسماعيل فأمهم هاجر لا سارة ويبعد أن يكونوا من بني إسرائيل حتى يصح أن أمهم سارة * الحديث الثامن (قوله معتمر) هو ابن سليمان التيمي وعبيد الله هو ابن عمر العمرى وقد تقدم الحديث عن جابر مطولا في مناقب عمر مع شرحه * الحديث التاسع (قوله بينما أنا نائم رأيتني في الجنة) هذا يعين أحد الاحتمالين في الحديث الذي قبله حيث قال فيه دخلت الجنة أو أتيت الجنة وانه يحتمل أن ذلك كان في اليقظة أو في النوم فبين هذا الحديث أن ذلك كان في النوم (قوله فإذا امرأة تتوضأ) تقدم النقل عن الخطابي في زعمه أن هذه اللفظة تصحيف وأن القرطبي عزا هذا الكلام لابن قتيبة وهو كذلك أورده في غريب الحديث من طريق أخرى عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وتلقاه عنه الخطابي فذكره في شرح البخاري وارتضاه ابن بطال فقال يشبه أن تكون هذه الرواية الصواب وتتوضأ تصحيف لان الحور طاهرات لا وضوء عليهن وكذا كل من دخل الجنة لا تلزمه طهارة وقد قدمت البحث مع الخطابي في هذا في مناقب عمر بما أغنى عن اعادته وقد استدل الداودي بهذا الحديث على أن الحور في الجنة يتوضأن ويصلين (قلت) ولا يلزم من كون الجنة لا تكليف فيها بالعبادة أن لا يصدر من أحد من العباد باختياره ما شاء من أنواع العبادة ثم قال ابن بطال يؤخذ من الحديث أن من علم من صاحبه خلقا لا ينبغي أن يتعرض لما ينافره اه وفيه أن من نسب إلى من اتصف بصفة صلاح ما يغير ذلك ينكر عليه وفيه أن الجنة موجودة وكذلك الحور وقد تقدم تقرير ذلك في بدء الخلق وسائر فوائده تقدمت في مناقب عمر * (قوله باب غيرة الناس ووجدهن) هذه الترجمة أخص من التي قبلها والوجد بفتح الواو الغضب ولم يبت المصنف حكم الترجمة لان ذلك يختلف باختلاف الأحوال والاشخاص وأصل الغيرة غير مكتسب للنساء لكن إذا أفرطت في ذلك بقدر زائد عليه تلام وضابط ذلك ما ورد في الحديث الآخر عن جابر بن عتيك الأنصاري رفعه ان من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله فاما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة وأما الغيرة التي يبغض فالغيرة في غير ريبة وهذا التفصيل يتمحض في حق الرجال لضرورة امتناع اجتماع زوجين للمرأة بطريق الحل وأما المرأة فحيث غارت من زوجها في ارتكاب محرم اما بالزنا مثلا واما بنقص حقها وجوره عليها لضرتها وايثارها عليها فإذا تحققت ذلك أو ظهرت القرائن فيه فهي غير مشروعة فلو وقع ذلك بمجرد التوهم عن غير دليل فهي الغيرة في غيرة ريبة وأما إذا كان الزوج مقسطا عادلا وأدى لكل من الضرتين حقها فالغيرة منهما إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من النساء فتعذر فيها ما لم تتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل وعلى هذا يحمل ما جاء عن السلف الصالح من النساء في ذلك ثم ذكر المصنف في الباب حديثين عن عائشة أحدهما
(٢٨٤)