كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشئ يدعو بعض من يكتب عنده فيقول ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا الحديث ثم ذكر المصنف في الباب حديثين * الأول حديث زيد بن ثابت في قصته مع أبي بكر في جمع القرآن أورد منه طرفا وغرضه منه قول أبى بكر لزيد انك كنت تكتب الوحي وقد مضى البحث فيه مستوفى في الباب الذي قبله * الثاني حديث البراء وهو ابن عازب لما نزلت لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله قال النبي صلى الله عليه وسلم ادع لي زيدا وقد تقدم في تفسير سورة النساء بلفظ ادع لي فلانا من رواية إسرائيل أيضا وفى رواية غيره ادع لي زيدا أيضا وتقدمت القصة هناك من حديث زيد بن ثابت نفسه ووقع هنا فنزلت مكانها لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله غير أولى الضرر هكذا وقع بتأخير لفظ غير أولى الضرر والذي في التلاوة غير أولى الضرر قبل والمجاهدون في سبيل الله وقد تقدم على الصواب من وجه آخر عن إسرائيل * (قوله باب أنزل القرآن على سبعة أحرف) أي على سبعة أوجه يجوز أن يقرأ بكل وجه منها وليس المراد ان كل كلمة ولا جملة منه تقرأ على سبعة أوجه بل الراد ان غاية ما انتهى إليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة إلى سبعة فان قيل فإنها نجد بعض الكلمات يقرأ على أكثر من سبعة أوجه فالجواب ان غالب ذلك اما لا يثبت الزيادة واما أن يكون من قبيل الاختلاف في كيفية الأداء كما في المد والإمالة ونحوهما وقيل ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد بل المراد التسهيل والتيسير ولفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة في الآحاد كما يطلق السبعين في العشرات والسبعمائة في المئين ولا يراد العدد المعين والى هذا جنح عياض ومن تبعه وذكر القرطبي عن ابن حبان أنه بلغ الاختلاف في معنى الأحرف السبعة إلى خمسة وثلاثين قولا ولم يذكر القرطبي منها سوى خمسة وقال المنذري أكثرها غير مختار ولم أقف على كلام ابن حبان في هذا بعد تتبعي مظانه من صحيحه وسأذكر ما انتهى إلى من أقوال العلماء في ذلك مع بيان المقبول منها والمردود إن شاء الله تعالى في آخر هذا الباب ثم ذكر المصنف في الباب حديثين * أحدهما حديث ابن عباس (قوله حدثنا سعيد بن عفير) بالمهملة والفاء مصغر وهو سعيد بن كثير بن عفير ينسب إلى جده وهو من حفاظ المصريين وثقاتهم (قوله أن ابن عباس رضي الله عنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) هذا مما لم يصرح ابن عباس بسماعه له من النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه سمعه من أبى ابن كعب فقد أخرج النسائي من طريق عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي ابن كعب نحوه والحديث مشهور عن أبي أخرجه مسلم وغيره من حديثه كما سأذكره (قوله أقرأني جبريل على حرف) في أول حديث النسائي عن أبي بن كعب أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة فبينما أنا في المسجد إذ سمعت رجلا يقرؤها يخالف قراءتي الحديث ولمسلم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب قال كنت في المسجد فدخل رجل يصلى فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ان هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه فأمرهما فقرأ فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما قال فسقط في نفسي ولا إذ كنت في الجاهلية
(٢٠)