وقد تقدم الكلام على خدمة المرأة زوجها هل تجب عليها أم لا قريبا * (قوله باب نفقة المعسر على أهله) ذكر فيه حديث أبي هريرة في قصة الذي وقع على امرأته في رمضان وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الصيام قال ابن بطال وجه أخذ الترجمة منه أنه صلى الله عليه وسلم أباح له اطعام أهله التمر ولم يقل له ان ذلك يجزيك عن الكفارة لأنه قد تعين عليه فرض النفقة على أهله بوجود التمر وهو ألزم له من الكفارة كذا قال وهو يشبه الدعوى فيحتاج إلى دليل والذي يظهر أن الاخذ من جهة اهتمام الرجل بنفقة أهله حيث قال لما قيل له تصدق به فقال أعلى أفقر منا فلولا اهتمامه بنفقة أهله لبادر وتصدق * (قوله باب وعلى الوارث مثل ذلك وهل على المرأة منه شئ وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم الآية) كذا لأبي ذر ولغيره بعد قوله أبكم إلى قوله صراط مستقيم قال ابن بطال ما ملخصه اختلف السلف في المراد بقوله وعلى الوارث مثل ذلك فقال ابن عباس عليه أن لا يضار وبه قال الشعبي ومجاهد والجمهور قالوا ولا غرم على أحد من الورثة ولا يلزمه نفقة ولد الموروث وقال آخرون على من يرث الأب مثل ما كان على الأب من أجر الرضاع إذا كان الولد لا مال له ثم اختلفوا في المراد بالوارث فقال الحسن والنخعي هو كل من يرث الأب من الرجال والنساء وهو قول أحمد واسحق وقال أبو حنيفة وأصحابه هو من كان ذا رحم محرم للمولود دون غيره وقال قبيصة بن ذؤيب هو المولود نفسه وقال زيد بن ثابت إذا خلف أما وعما فعلى كل منهما ارضاع الولد بقدر ما يرث وبه قال الثوري قال ابن بطال والى هذا القول أشار البخاري بقوله وعلى وهل على المرأة منه شئ ثم أشار إلى رده بقوله تعالى وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم فنزل المرأة من الوارث منزلة الا بكم من المتكلم اه وقد أخرج الطبري هذه الأقوال عن قائلها وسبب الاختلاف حمل المثلية في قوله مثل ذلك على جميع ما تقدم أو على بعضه والذي تقدم الارضاع والانفاق والكسوة وعدم الاضرار قال ابن العربي قالت طائفة لا يرجع إلى الجميع بل إلى الأخير وهذا هو الأصل فمن ادعى أنه يرجع إلى الجميع فعليه الدليل لان الإشارة بالافراد وأقرب مذكور هو عدم الاضرار فرجح الحمل عليه ثم اورد حديث أم سلمة في سؤالها هل لها أجر في الانفاق على أولادها من أبى سلمة ولم يكن لهم مال فأخبرها أن لها أجرا فدل على أن نفقة بنيها لا تجب عليها إذ لو وجبت عليها لبين لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وكذا قصة هند بنت عتبة فإنه أذن لها في أخذ نفقة بنيها من مال الأب فدل على أنها تجب عليه دونها فأراد البخاري أنه لما لم يلزم الأمهات نفقة الأولاد في حياة الآباء فالحكم بذلك مستمر بعد الآباء ويقويه قوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن أي رزق الأمهات وكسوتهن من أجل الرضاع للأبناء فكيف يجب لهن في أول الآية وتجب عليهن نفقة الأبناء في آخرها وأما قول قبيصة فيرده أن الوارث لفظ يشمل الولد وغيره فلا يخص به وارث دون آخر الا بحجة ولو كان الولد هو المراد لقيل وعلى المولود وأما قول الحنفية فيلزم منه أن النفقة تجب على الخال لابن أخته ولا تجب على العم لابن أخيه وهو تفصيل لا دلالة عليه من الكتاب ولا السنة ولا القياس قاله إسماعيل القاضي وأما قول الحسن ومن تابعه فتعقب بقوله تعالى وان كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن فلما وجب على الأب الانفاق على من يرضع ولده ليغذى
(٤٥٠)