اختصاص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له وتميزه إياه عن غيره ينسبونه إلى التيه والزهو والفخر، وقد سبقهم بذلك قوم من أصحابه، قيل لعمر: ول عليا أمر الجيش والحرب، فقال: (هو أتيه من ذلك (1). وقال زيد بن ثابت: (ما رأينا أزهى من علي وأسامة).
فأردنا بإيراد هذه الأخبار هيهنا عند تفسير قوله (نحن الشعار والأصحاب) أن ننبه على عظم منزلته عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأن من قيل في حقه ما قيل لو رقى إلى السماء، وعرج في الهواء، وفخر على الملائكة والأنبياء تعظما وتبجحا لم يكن ملوما، بل كان بذلك جديرا، فكيف وهو عليه السلام لم يسلك قط مسلك التعظم والتكبر في شئ من أقواله ولا من أفعاله، وكان ألطف البشر خلقا، وأكرمهم طبعا، و أشدهم تواضعا، وأكثرهم احتمالا، وأحسنهم بشرا، وأطلقهم وجها حتى نسبه من نسبه إلى الدعابة والمزاح، وهما خلقان ينافيان التكبر والاستطالة. وإنما كان يذكر أحيانا ما يذكره من هذا النوع نفثة مصدور وشكوى مكروب وتنفس مهموم، ولا يقصد به إذا ذكره إلا شكرا للنعمة وتنبيه الغافل على ما خصه الله به من الفضيلة (2).