أنا الذي سمتني أمي حيدرة * كليث غابات غليظ القصرة (1) أكيلكم بالسيف كيل السندرة وقال: السندرة، الجرأة، ورجل سندر - على فعلل - إذا كان جريئا، والحيدرة الأسد، قال: والسندرة: مكيال كبير، وقال ابن الأعرابي: الحيدرة في الأسد مثل الملك في الناس، قال أبو العباس: يعني لغلظ عنقه وقوة ساعديه، ومنه: غلام حادر، إذا كان ممتلئ البدن شديد البطش، قال: والياء والهاء زايدتان، زاد ابن بري في الرجز: قيل:
أكيلكم بالسيف كيل السندرة أضرب بالسيف رقاب الكفرة وقال: أراد بقوله: (أنا الذي سمتني أمي الحيدرة) أنا الذي سمتني أمي أسدا، فلم يمكنه ذكر الأسد لأجل القافية فعبر بحيدرة، لأن أمه لم تسمه حيدرة وإنما سمته أسدا باسم أبيها، لأنها فاطمة بنت أسد، وكان أبو طالب غائبا حين ولدته و سمته أسدا، فلما قدم كره أسدا وسماه عليا، فلما رجز علي هذا الرجز يوم خيبر سمى نفسه بما سمته به أمه.
قلت: وهذا العذر من ابن بري لا يتم له إلا أن كان الرجز أكثر من هذه الأبيات و لم يكن أيضا ابتدأ بقوله (أنا الذي سمتني أمي الحيدرة) وإلا فإذا كان هذا البيت ابتداء الرجز وكان كثيرا أو قليلا كان رضي الله عنه مخيرا في إطلاق القوافي أي حرف شاء مما يستقيم الوزن له به، كقوله: (أنا الذي سمتني أمي الأسد)، أو (أسدا) وله في هذه القافية مجال واسع، فنطقه بهذا الاسم على هذه القافية من غير قافية تقدمت يجب اتباعها ولا ضرورة صرفته إليه مما يدل أنه سمي حيدرة، وقد قال ابن الأثير:
وقيل: بل سمته أمه حيدرة، والقصرة: أصل العنق (2).