رسول رب الرحمة، بأبي أنتما وأمي، يا شبلي محمد وضرغاميه، يا ولديه و سبطيه، يا سيدي شباب أهل الجنة المقربين من الرحمة والرضوان، مرحبا بكم معاشر خيار أصحاب محمد وعلي وولديهما، ما كان أعظم شوقي إليكم، وما أشد سروري الآن بلقائكم، يا رسول الله! هذا ملك الموت قد حضرني، ولا أشك في جلالتي في صدره لمكانك ومكان أخيك.
فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كذلك هو، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ملك الموت، فيقول: يا ملك الموت! استوص بوصية الله في الإحسان إلى مولانا وخادمنا ومحبنا ومؤثرنا، فيقول له ملك الموت: يا رسول الله! مره أن ينظر إلى ما أعد الله له في الجنان، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لينظر إلى العلو، فينظر إلى ما لا يحيط به الألباب، ولا يأتي عليه العدد والحساب، فيقول ملك الموت: كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه، وهذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأعزته زواره؟ يا رسول الله! لولا أن الله جعل الموت عقبة لا يصل إلى تلك الجنان إلا من قطعها لما تناولت روحه، ولكن لخادمك ومحبك هذا أسوة بك وبسائر أنبياء الله ورسله وأوليائه الذين أذيقوا الموت لحكم الله تعالى.
ثم يقول محمد صلى الله عليه وآله وسلم: يا ملك الموت! هاك أخانا قد سلمناه إليك، فاستوص به خيرا، ثم يرتفع هو ومن معه إلى روض الجنان، وقد كشف من الغطاء والحجاب لعين ذلك المؤمن العليل، فيراهم المؤمن هناك بعد ما كانوا حول فراشه، فيقول: يا ملك الموت! الوحي، الوحي (1)، تناول روحي ولا تلبثني ههنا فلا صبر لي عن محمد وأعزته، وألحقني بهم، فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه فيسلها كما يسل الشعرة من الدقيق، وإن كنتم ترون أنه في شدة فليس هو في شدة بل هو في رخاء ولذة.