فأرعني سمعك (1)، ثم خبر به من كان له حصافة (2) من أصحابك، ألا إني عبد الله، و أخو رسوله، وصديقه الأول، صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا، فنحن الأولون، ونحن الآخرون، ونحن خاصته - يا حارث! - وخالصته، وأنا صنوه ووصيه ووليه، وصاحب نجواه وسره، أوتيت فهم الكتاب، وفصل الخطاب، وعلم القرون والأسباب، واستودعت ألف مفتاح، يفتح كل مفتاح ألف باب، يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد، وأيدت و اتخذت وأمددت بليلة القدر نفلا (3)، وإن ذلك يجرى لي ولمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وأبشرك يا حارث لتعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، و عند المقاسمة، قال الحارث: وما المقاسمة، يا مولاي؟ قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا وليي فاتركيه، وهذا عدوي فخذيه.
ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث فقال: يا حارث! أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي فقال لي - وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي -:
إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل الله وبحجزته (يعني عصمته من ذي العرش تعالى) وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذ ذريتك بحجزتك، وأخذ شيعتكم بحجزتكم. فماذا يصنع الله بنبيه، فما يصنع نبيه بوصيه؟ خذها إليك يا حارث، قصيرة من طويلة. نعم، أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت - يقولها ثلاثا -.
فقام الحارث يجر ردائه، وهو يقال: ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني.
قال جميل بن صالح - أحد رواة الحديث -: وأنشدني أبو هاشم السيد الحميري، فيما تضمنه هذا الخبر: