في وجهه، فقال: (السلام عليك يا رسول الله. ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم * قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * (1). فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
قد أفلحوا بك، أنت والله، أميرهم تميرهم من علومك، وأنت والله دليلهم وبك ويهتدون (2).
أقول: المستفاد من هذه الأخبار أن تسمية علي عليه السلام بأمير المؤمنين لامتيار المؤمنين منه وميرته لهم، وهذا يشعر بأن الأمير مشتق من المير، وهذا خلاف واضح، لأن الأمير فعيل من الأمر - مهموز الفاء -، والمير أجوف يائي، ولا تناسب بينهما في الاشتقاق.
والجواب ما اختاره العلامة المجلسي - رحمه الله -، قال في البحار (ج 37:
ص 293): (الميرة - بالكسر - جلب الطعام، يقال: مار عياله، يمير ميرا، و أمارهم وامتار لهم. ويرد عليه أن الأمير فعيل من الأمر، لا من الأجوف. ويمكن التفصي عنه بوجوه:
الأول: أن يكون على القلب، وفيه بعد من وجوه، لا يخفى.
الثاني: أن يكون (أمير) فعلا مضارعا على صيغة المتكلم، ويكون عليه السلام قد قال ذلك ثم اشتهر به كما في تأبط شرا.
الثالث: أن يكون المعنى أن أمراء الدنيا إنما يسمون بالأمير، لكونهم متكفلين لميرة الخلق، وما يحتاجون إليه في معاشهم بزعمهم. وأما أمير المؤمنين عليه السلام فإمارته لأمر أعظم من ذلك، لأنه يميرهم ما هو سبب لحياتهم الأبدية وقوتهم الروحانية، وإن يشارك سائر الأمراء في الميرة الجسمانية. وهذا أظهر الوجوه).
تم كلامه رفع مقامه.