الثالث: المحاريب المنصوبة في مساجد المسلمين، وفي الطرق التي هي جادتهم، يتعين التوجه إليها، ولا يجوز الاجتهاد في الجهة قطعا.
وهل يجوز في التيامن والتياسر؟ الأقرب جوازه، لان الخطأ في الجهة مع استمرار الخلق واتفاقهم ممتنع، اما الخطأ في التيامن والتياسر فغير بعيد، وعن عبد الله بن المبارك انه أمر أهل مرو بالتياسر بعد رجوعه من الحج (1). ووجه المنع: ان احتمال إصابة الخلق الكثير أقرب من احتمال إصابة الواحد، وقد وقع في زماننا اجتهاد بعض علماء الهيئة في قبلة مسجد دمشق وان فيها تياسرا عن القبلة، مع انطواء الاعصار الماضية على عدم ذلك.
وجاز ترك الخلق الكثير الاجتهاد في ذلك لأنه غير واجب عليهم، فلا تدل مجرد صلاتهم على تحريم اجتهاد غيرهم، وانما يعارض اجتهاد العارف ان لو ثبت وجوب الاجتهاد على الكثير أو ثبت وقوعه، وكلاهما في حيز المنع، بل لا يجب الاجتهاد قطعا، بل لو كانت قرية صغيرة نشأ فيها قرون من المسلمين لم يجتهد في قبلتها.
نعم، يجب الاجتهاد في العلامات المنصوبة في الطرق النادر مرور المسلمين بها، أو يستوي فيها مرور المسلمين والكفار، وكذا في قرية خربة لا يدرى انها من بناء المسلمين أو الكفار.
الرابع: الأقرب ان قبور المسلمين بمثابة العلامات المنصوبة في الطرق المسلوكة للمسلمين، ولو شك في القبر فلا تعويل، وهذا كله مع عدم علم الغلط في ذلك، فلو علمه وجب الاجتهاد في مواضعه.
ولا فرق بين محراب صلاة العيد وغيرها من الصلوات، إذ اجتماع المسلمين حاصل في الجميع.
الخامس: القائم بمكة للصلاة تجب عليه مشاهدة الكعبة، لقدرته على