اما الأول: مثل المضاربة فإن اشتراط الضمان فيها يوجب انقلابها قرضا كما صرح به الأصحاب فإن رأس المال إذا اعطى لغير المالك ليتجر به على أن يكون الربح بينهما فهي مضاربة، وان اعطى على أن يكون جميع الخسارة عليه فهو قرض، فالربح له أيضا بتمامه، وان اعطى على أن يكون تمام الربح للمالك وهي المسماة باسم البضاعة عندهم.
والعمدة في ذلك مضافا إلى ما ذكر صحيحة محمد بن قيس فقد روى أن من ضمن تاجرا فليس له الا رأس ماله وليس له من الربح شئ (1).
وما قد يقال من أنه مخالف للقواعد، لأن ما قصده لم يقع وما وقع لم يقصد فإنه لم يقصد عنوان القرض، ولكن يجاب عنه بان القرض ليس الا اعطاء مال وتضمين الخسارة، وبعبارة أخرى التمليك مع الضمان وهو هنا حاصل.
وكذلك الحال في الوديعة فقد ذكر الشيخ (ره) في الخلاف: إذا شرط في الوديعة أن تكون مضمونة كان الشرط باطلا، ولا تكون مضمونة بالشرط، وبه قال جميع الفقهاء الا عبيد الله بن الحسن العنبري فإنه قال تكون مضمونة، دليلنا اجماع الفرقة، بل اجماع الأمة، لأن خلاف العنبري قد انقرض، وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وآله قال: ليس على المستودع ضمان - ولم يفصل (2).
ويظهر من ذيل كلامه قدس سره ان اسناده هذا القول إلى الأصحاب لعله كان من باب اطلاق كلامه لعدم الضمان، لا التصريح بفساد الشرط، ومن هنا يشكل دعوى الاجماع في المسألة، ولقائل ان يقول إن عدم الضمان في الوديعة هو مقتضى اطلاق العقد، ولا ينافي الضمان بالاشتراط، كيف وقد روى زرارة في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وديعة الذهب والفضة قال: فقال كل ما كان من وديعة ولم