ثانيها " الأولوية " التي استدل بها الشيخ في المبسوط كما حكي عنه بالنسبة إلى الرهن، وحاصلها ان العقد الصحيح مثل الإجارة والعارية والهبة إذا لم يقتض الضمان مع أن الشارع أمضاها، فالفاسد الذي بمنزلة العدم لا يؤثر في الضمان، لأن الضمان اما من ناحية الاقدام عليه، والمفروض عدمه، واما من ناحية حكم الشارع بالضمان، بواسطة المعاملة الفاسدة، والمفروض انها لا تؤثر شيئا، ولو كان العقد صحيحا أمكن ان يقال إن الضمان من مقتضيات الصحيح، ولكن في الفاسد الذي بمنزلة اللغو فلا معنى للقول به.
ولكن يرد عليه ان الامر بالعكس فإنه يمكن ان يقال إن الصحيح لا يوجب الضمان لأن الشارع أمضاه، وامضى ما يتضمن عليه من التسليط الاماتي، وبه يخرج عن قاعدة احترام مال المسلم وضمان اليد، وأما إذا لم يمضها الشارع فيبقى قاعدة الاحترام وضمان اليد بحالها، ولا مخرج عن الضمان، فلا يمكن الاعتماد على الأولوية في اثبات عكس المسألة.
وثالثها " قاعدة الأمانة " وحاصله ان من استأمنه المالك على ملكه غير ضامن وهذه قاعدة مستفادة من بناء العقلاء والنصوص الكثيرة الواردة في أبواب الضمانات والإجارات، وغيرها.
وهذه القاعدة كما تقتضي عدم الضمان في صورة صحة العقد كذلك يقتضي عدمه في صورة الفساد.
اللهم الا ان يقال استيمان المالك كان على فرض صحة العقد، واما على فرض فساده فلا استيمان، وبعبارة أخرى إنما سلط المالك غيره على ماله، وجعله أمانة في يده مثل إجارة الدار، وأشباهه، بناءا على صحة العقد وكون ذلك من حقوق المستأجر، اما لأجل الجهل بفساد العقد، أو مع العلم به وعدم الاعتناء بحكم الشرع والبناء على حكم العقلاء فقط، ومن المعلوم ان هذا الاستيمان المبني على هذا البناء