بالأصل، مثلا: استصحاب بقاء الزوجية في محل الشك يجعل المشكوك فيه زوجة، ويلزم على هذا وجوب الأنفاق عليه شرعا، ويلزم الوجوب إجبار الزوج لو امتنع من أدائه، ورجوع الزوجة عليه لو استقرضت بالمعروف، وهكذا في سلسلة الأحكام المترتبة بعضها على بعض.
وثانيهما: ما يكون تلك الواسطة لازما عقليا لذلك الموضوع، مثلا: إذا قال الشارع: (من أتلف شيئا ضمنه) فألقيت نارا في دار شخص وتدري أن تلك الجمرات إذا بقيت أحرقت قطعا، ولكنك تشك في بقائها وانطفائها، فمقتضى الأصل بقاء الجمرات، ويلزمه الإتلاف ويلزمه الضمان.
وكذلك لو قال: (إذا اجتمعت مع أجنبية في دار فكفر صاعا من طعام) وكانت الأجنبية في دار ولا تدري هل هي فيها أو خرجت؟ فدخلت فيها، فالأصل بقاء الأجنبية فيها، ويلزمه الاجتماع، فتجب الكفارة.
وكذا إذا قال لامرأة: (إذا سمع صوتك أجنبي فأطعمي مسكينا) وكان أجنبي قاعدا وراء الجدار لا تدري هل هو قاعد (1) أو لا؟ فصاحت (2) بحيث لو كان هناك لسمع، فمقتضى الأصل بقاؤه، ويلزمه سماعه، ويلزمه لزوم الإطعام، ونحو ذلك من اللوازم.
فنقول: لا كلام في ترتب ما لا واسطة له على الموضوع الثابت بالأصل، وكذا ماله واسطة شرعية، إذ ترتب أحكام كثيرة على الأصول مترتبة بعضها على بعض مما لا يخفى على من له درية.
وأما ماله واسطة عقلية فلا يثبت بالأصل، والسر فيه: أن الحكم حينئذ يتعلق بأمرين:
أحدهما: الموضوع الثابت بالأصل، كبقاء الجمرة والأجنبية والأجنبي في الأمثلة المذكورة.