ثم إن الأذن في اللازم تابع للأذن في الملزوم، فلو كان قطعيا فهو قطعي، ولو كان تعبديا فهو تعبدي، وهكذا... ولا يمكن مع كون الملزوم فرضيا كون اللازم واقعيا.
إذا عرفت هذا نقول: إن الشارع إذا أذن في جعل الشئ المشكوك في وقوعه من آن اليقين والحكم بعدمه قبله، فالذي يترتب على ذلك أن نماء الوقت المشكوك مال البائع، وخيار الحيوان ثلاثة أيام بعد اليقين، ونحو ذلك، لأن هذه لوازم لنفس وجود البيع، ولا معنى لكون البيع من هذا الزمان إلا ترتب هذه الأحكام، ولو فرض انفكاك هذه عنه، فأي فائدة في تأخيره؟ وذلك واضح.
وأما تقدم العيب على البيع فليس من لوازم ذلك، إذ معنى تقدم العيب: كون هذا سابقا عليه في أصل الوجود والتحقق، وليس معنى أصالة التأخر: كون البيع موجودا حادثا في هذا الزمان، بل الحكم بحدوثه في هذا الزمان بمعنى أن الشارع قال: (أنت احكم بأن حدوثه من هذا الزمان) لا أنه حادث في هذا الزمان، وتقدم العيب من لوازم الثاني دون الأول، إذ لنا أن نحكم بالأول عملا بقول الشارع في عدم نقض اليقين، ولا نقول بتقدم الاخر، إذ لا ندري به.
وبعبارة أخرى: ليس معنى الأصل: كون الشئ حادثا في هذا الزمان، ولو كان كذلك لقبلناه وإن كان ظنيا، كما أنه لو أقام المشتري بينة على أن البيع وقع بعد ذلك العيب حكمنا بالخيار، لأن ذلك إثبات للواقع ولو بطريق ظني بل مشكوك، وليس معنى الأصل هذا وإن قام مقام البينة في إثبات حكم كلي وقام مقام العلم في كل مقام، لكن معنى ذلك: البناء على أنه من حين اليقين، ولا يلزمه التقدم للاخر، لكن يلزمه لوازمه (1) الشرعية، إذ هو معنى المنزلة.
فإن قلت: إذا رخصك الشارع في البناء على هذا معناه: أنك إذا علمت وقوع العيب قبل هذا الوقت فاحكم بتقدمه.