شاكا في أن السورة جزء أم لا، فأتى بها فطابقت الواقع، ونظائر ذلك.
وبالجملة: كان غير معتقد بأن ما أتى به مطابق للواقع، فأتى به فصادف الواقع.
وقد يقال: إن هذا القسم غير معقول، لأنه متى لم يكن معتقدا بالمطابقة فلا يتعقل منه قصد التقرب، فلا يكون مطابقا قطعا، لأنه يكون بدون نية التقرب.
لكن يمكن أن يقال: إنه يحتمل أن يعتقد لزوم الإتيان بما لم يعتقد أنه مطابق للواقع، بمعنى: أنه مع كونه لا يدري بمطابقته للأمر الواقعي اعتقد أنه لا بد من إتيانه كذلك فأتى بقصد التقرب.
والحق: أن هذا الفرض لو تحقق يرجع إلى من اعتقد أن هذا مأمور به وإن كان شاكا في كونه واقعيا أو ظانا بعدم كونه واقعيا، فيكون قد أتى بالمأمور به على حسب اعتقاده، والتكليف بالواقع أيضا معلق بالعلم، فهذا مجز بحسبه، وبعد العلم بالواقع إن وجده مطابقا فقد أجزأ عنه أيضا ولا قضاء عليه، للإتيان بمقتضاه وعدم فوات شئ عنه.
واحتمال أن يقال: إن الإتيان بالواقع لا بد أن يكون باعتقاد أنه واقع مأمور به وإن كان ظنيا، وأما إتيان شئ باعتقاد أنه مأمور به بنفسه وإن لم يكن واقعيا أو مشكوكا في الواقعية، فكونه مجزيا عن الواقع على فرض المطابقة ممنوع.
مدفوع بمنع شرطية اعتقاد الواقعية، وإنما اللازم الإتيان بالمأمور به على ما هو عليه في الواقع مع قصد التقرب، وهو حاصل، وأما كونه باعتقاد المطابقة أو غير ذلك فلم يقم دليل على شرطيته، وليس ذلك إلا كالاجتهاد والتقليد المجعولين طريقا إلى الواقع، فمتى صادفه العمل سقط اعتبارهما.
ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا من حكم الجاهل بين أن يكون جهلا ابتداءا غير مسبوق بطريق معتبر، أو كان نسيانا، بأن كان مجتهدا أولا أو مقلدا ثم عرض له النسيان عن تلك الأحكام فزعم أن ما أتى به هو الحكم، أو خطئ في معرفة الحكم ابتداءا أو غفله عما فهمه أولا، فإن ذلك كله داخل تحت الأقسام السابقة، فما