عرف طريقتهم، واطلع على نيتهم أن غاية مقصودهم في تحرير هذه المباحث إنما هو تفريع الفروع وتنقيح الثمرات، ولا يلتفتون غالبا إلى مثل هذه المداقة، التي تحتاج إلى استفراغ وسع في تتبع المظان واستقصاء الأدلة واستيفاء ما يرد وما يندفع وغير ذلك، وهم المصيبون في فتاويهم وفي آرائهم وإن لم يذهب أذهانهم في بيان الطريق كل مذهب اشتغالا بما هو أهم. ولما كان ثمرة ما اخترناه من القول في المسائل الفقهية ثمرة الكشف فلذلك لم يحتاجوا إلى إيراد ذلك.
بل أقول: إن الذي ينافي ما اخترناه في كلامهم ليس إلا لفظ (الكشف) الدال على كون الأثر في الواقع قبل الإجازة.
لكن نقول: لما كان إطلاق هذه العبارة في قبال النقل الموجب لحصول الملك من حين الإجازة وكانوا يريدون الملك من حين العقد - وكذلك في باب الوصية - عبروا عن ذلك بلفظ (الكشف) تفهيما لهذا المعنى في قبال النقل، لأن كون الأثر من زمن سابق يوجب كون هذا الشرط بمنزلة الكاشف، فغرضهم منه نفي النقل.
وأما أن ترتب الثمرة على هذا هل هو من زمن وقوع الإجازة، أو كان حاصلا في الواقع فكشف هذا عنه؟ فليس موجودا في كلامهم.
ويؤيد ذلك أنهم جعلوا الثمرة في ذلك النماء.
وعبارات الأصحاب في هذا الباب لما كانت بمرأى من الطلاب ومسمع منهم فضلا عن المتتبع الفقيه لم نحتج إلى نقل كلامهم، بل نقتصر على تنقيح مرامهم.
فنقول: إن قولهم: (وهل الإجازة كاشفة أو ناقلة؟ قولان، وتظهر الفائدة في النماء) لا يدل على أزيد من إرادتهم من الكشف لحوق حكم الملك من زمان العقد، لكن هذا هل هو بتأثير الإجازة أو كان في الواقع والإجازة كشفت عنه بمعنى الأمارة؟ لا يستفاد من كلامهم صريحا ولا ظاهرا إلا من لفظ (الكشف) في الجملة. ويدفعه أمران:
أحدهما: إطباقهم على شرطية رضا المالك وبطلان العقد بدونه، وكذلك في