وقيل اما أن لا يقصد أصل الفعل أو يقصده، والأول الخطأ، كمن زلق فقيل غيره، والثاني اما أن لا يقصد المجني عليه أو يقصده، وان لم يقصده فهو أيضا خطأ، كمن رمى صيدا فأصاب انسانا أو رمى انسانا فأصاب غيره. وان قصد المجني عليه والفعل فاما أن يكون بما يقتله غالبا أولا، والأول هو العمد والثاني هو الشبيه.
وهذا لم يعتبر فيه قصد القتل ولا عدمه بل الآلة، اللهم الا أن يقصد الفعل ولم يقصد القتل، فحينئذ يختل التقسيم، لان الضرب للتأديب فيتفق الموت خارج منه.
وقيل إن الضرب اما أن يكون بما يقتل غالبا أولا، والأول عمد سواء كان جارحا أو مثقلا كالسيف والعصا، والثاني اما أن يقتل كثيرا أو نادرا، والثاني لا قصاص فيه والأول اما أن يكون جارحا أو مثقلا، فإن كان جارحا كالسكين الصغيرة فهو عمد وإن كان مثقلا كالسوط والعصا فشبيه.
والفرق بين الجارح والمثقل أن الجراحات لها تأثيرات خفية يعسر الوقوف عليها، وقد يهلك الجرح الصغير ولا يهلك الكبير، ولان الجرح يفعله من يقصد القتل غالبا فيناط به القصاص، وأما المثقل فليس طريقا غالبا فيعتبر أن يتحقق في مثله كونه مهلكا لمثل هذا الشخص غالبا، وهو يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، وهذا ليس فيه الا بيان العمد. على أن الفرق بين الجارح وغيره غير واضح.
وقيل: كلما ظن الموت بفعله فهو عمد، سواء قصد التلف أولا، وسواء كان متلفا غالبا أولا كقطع الا نملة، وكلما شك في حصول الموت به فهو شبيه.
وفي هذا ضعف، إذ القضاء بالدية مع الشك بعيد، وكثير من العامة يجعلون ضابط العمد هو القصد إلى الفعل بما يقتل غالبا، سواء قصد ازهاق الروح أولا.