البيهقي بنحو حديث ابن عباس المذكور. وعن جرير عند ابن أبي حاتم في العلل.
وعن سمرة عند أحمد والترمذي وصححه بلفظ: اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم وأحاديث الباب تدل على أنه لا يجوز قتل النساء والصبيان، وإلى ذلك ذهب مالك والأوزاعي، فلا يجوز ذلك عندهما بحال من الأحوال، حتى لو تترس أهل الحرب بالنساء والصبيان، أو تحصنوا بحصن أو سفينة وجعلوا معهم النساء والصبيان لم يجز رميهم ولا تحريقهم. وذهب الشافعي والكوفيون إلى الجمع بين الأحاديث المذكورة فقالوا: إذا قاتلت المرأة جاز قتلها. وقال ابن حبيب من المالكية: لا يجوز القصد إلى قتلها إذا قاتلت إلا إن باشرت القتل أو قصدت إليه، ويدل على هذا ما رواه أبو داود في المراسيل عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر بامرأة مقتولة يوم حنين فقال: من قتل هذه؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله غنمتها فأردفتها خلفي فلما رأت الهزيمة فينا أهوت إلى قائم سيفي لتقتلني فقتلتها فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصله الطبراني في الكبير وفيه حجاج بن أرطأة. وأرسله ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن يحيى الأنصاري.
ونقل ابن بطال أنه اتفق الجميع على المنع من القصد إلى قتل النساء والولدان، أما النساء فلضعفهن، وأما الولدان فلقصورهم عن فعل الكفار، ولما في استبقائهم جميعا من الانتفاع إما بالرق أو بالفداء فيمن يجوز أن يفادى به. قال في الفتح: وقد حكى الحازمي قولا بجواز قتل النساء والصبيان على ظاهر حديث الصعب وزعم أنه ناسخ لأحاديث النهي وهو غريب. قوله: ولا عسيفا بمهملتين وفاء كأجير وزنا ومعنى، وفيه دليل على أنه لا يجوز قتل من كان مع القوم أجيرا ونحوه لأنه من المستضعفين. قوله: لا تقتلوا شيخا فانيا ظاهره أنه لا يجوز قتل شيوخ المشركين، ويعارضه حديث: اقتلوا شيوخ المشركين الذي ذكرناه. وقد جمع بين الحديثين بأن الشيخ المنهي عن قتله في الحديث الأول هو الفاني الذي لم يبق فيه نفع للكفار ولا مضرة على المسلمين، وقد وقع التصريح بهذا الوصف بقوله شيخا فانيا.
والشيخ المأمور بقتله في الحديث الثاني هو من بقي فيه نفع للكفار ولو بالرأي كما في دريد بن الصمة فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما فرغ من حنين بعث أبا عامر على جيش أوطاس فلقي دريد ابن الصمة وقد كان نيف على المائة