ما كانت هذه لتقاتل. ثم نهى عن قتل النساء. واحتجوا بأن من الشرطية لا تعم المؤنث، وتعقب بأن ابن عباس راوي الخبر وقد قال بقتل المرتدة. وقتل أبو بكر الصديق في خلافته امرأة ارتدت كما تقدم والصحابة متوافرون فلم ينكر عليه أحد ذلك، واستدلوا أيضا بما وقع في حديث معاذ: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أرسله إلى اليمن قال له: أيما رجل ارتد عن الاسلام فادعه فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الاسلام فادعها فإن عادت وإلا فاضرب عنقها. قال الحافظ: وسنده حسن، وهو نص في موضع النزاع فيجب المصير إليه، ويؤيده اشتراك الرجال والنساء في الحدود كلها الزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف، ومن صور الزنا رجم المحصن حتى يموت، فإن ذلك مستثنى من النهي عن قتل النساء فيستثنى قتل المرتدة مثله . (واستدل) بالحديث بعض الشافعية على أنه يقتل من انتقل من ملة من ملل الكفر إلى ملة أخرى. وأجيب بأن الحديث متروك الظاهر فيمن كان كافرا ثم أسلم اتفاقا مدخوله في عموم الخبر، فيكون المراد من بدل دينه الذي هو دين الاسلام، لان الدين في الحقيقة هو دين الاسلام، قال الله تعالى: * (إن الدين عند الله الاسلام) * (آل عمران: 19) ويؤيده أن الكفر ملة واحدة، فإذا انتقل الكافر من ملة كفرية إلى أخرى مثلها لم يخرج عن دين الكفر، ويؤيده أيضا قوله تعالى: * (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) * (آل عمران: 85). قد ورد في بعض طرق الحديث ما يدل على ذلك، فأخرج الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس رفعه: من خالف دينه دين الاسلام فاضربوا عنقه واستدل بالحديث المذكور في الباب، على أنه يقتل الزنديق من غير استتابة ، وتعقب بأنه وقع في بعض طرق الحديث أن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه استتابهم كما في الفتح من طريق عبد الله بن شريك العامري عن أبيه قال: قيل لعلي إن هنا قوما على باب المسجد يزعمون أنك ربهم فدعاهم فقال لهم: ويلكم ما تقولون؟ قالوا: أنت ربنا وخالقنا ورازقنا، قال: ويلكم إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون وأشرب كما تشربون، إن أطعت الله أثابني إن شاء، وإن عصيته خشيت أن يعذبني، فاتقوا الله وارجعوا، فأبوا فلما كان الغد غدوا عليه فجاء قنبر فقال: قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام، فقال: أدخلهم فقالوا كذلك، فلما كان الثالث قال: لئن قلتم ذلك لأقتلنكم بأخبث قتلة، فأبوا إلا ذلك، فأمر علي
(٥)