وذلك لا يستلزم جواز اللبس. وقد ثبت من حديث علي عند البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي أنه قال: كساني رسول الله (ص) حلة سيراء فخرجت بها فرأيت الغضب في وجهه فأطرتها خمرا بين نسائي هذا لفظ الحديث في التيسير، فلم يلزم من قول علي عليه السلام كساني جواز اللبس، وهكذا قال عمر لما بعث إليه النبي (ص) بحلة سيراء: يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت، فقال رسول الله (ص): إني لم أكسكها لتلبسها هذا لفظ أبي داود، وبهذا يتبين لك أنه لا يلزم من قوله كساني جواز اللبس، على أنه قد ثبت في تحريم الخز ما هو أصح من هذا الحديث وهو حديث أبي عامر الآتي وكذلك حديث معاوية.
(وقد استدل) بهذا الحديث أيضا على جواز لبس المشوب، وهو لا يدل على ذلك إلا على أحد التفاسير للخز وقد تقدم ذكر بعضها، وقد اختلف الناس في المشوب، وسيأتي بيان ما هو الحق. قوله: وقد صح لبسه عن غير واحد من الصحابة لا يخفاك أنه لا حجة في فعل بعض الصحابة وإن كانوا عددا كثيرا، والحجة إنما هي في إجماعهم عند القائلين بحجية الاجماع، ولو كان لبسهم الخز يدل على أنه حلال لكان الحرير الخالص حلالا، لما تقدم عن أبي داود أنه قال: لبس الحرير عشرون صحابيا، وقد أخبر الصادق المصدوق أنه سيكون من أمته أقوام يستحلون الخز والحرير، وذكر الوعيد الشديد في آخر هذا الحديث من المسخ إلى القردة والخنازير كما سيأتي.
وعن ابن عباس قال: إنما نهى رسول الله (ص) عن الثوب المصمت من قز، قال ابن عباس: أما السدى والعلم فلا نرى به بأسا رواه أحمد وأبو داود.
الحديث في إسناده خصيف بن عبد الرحمن وقد ضعفه غير واحد، قال في التقريب:
هو صدوق سيئ الحفظ خلط بأخرة ورمي بالإرجاء، وقد وثقه ابن معين وأبو زرعة وبقية رجال إسناده ثقات. وأخرجه الحاكم بإسناد صحيح والطبراني بإسناد حسن كما قال الحافظ في الفتح. قوله: المصمت بضم الأولى وفتح الثانية المخففة وهو الذي جميعه حرير لا يخالطه قطن ولا غيره قاله ابن رسلان. قوله: أما السدى بفتح السين والدال بوزن الحصى ويقال ستى بمثناة من فوق بدل الدال لغتان بمعنى واحد وهو خلاف اللحمة وهو ما مد طولا في النسج. قوله: والعلم هو رسم الثوب ورقمه قاله في القاموس وذلك كالطراز والسجاف.