الحافظ وجزم بضعفه لأنه من رواية أبي بكر البدلي. وقد بالغ الجوزقاني فقال باطل، فالواجب البقاء على البراءة الأصلية المعتضدة بأفعاله الثابتة في الصحيح، لا سيما مع ثبوت لبسه لذلك بعد حجة الوداع، ولم يلبث بعدها إلا أياما يسيرة. وقد زعم ابن القيم أن الحلة الحمراء بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود، وغلط من قال أنها كانت حمراء بحتا، قال: وهي معروفة بهذا الاسم، ولا يخفاك أن الصحابي قد وصفها بأنها حمراء وهو من أهل اللسان، والواجب الحمل على المعنى الحقيقي وهو الحمراء البحت، والمصير إلى المجاز أعني كون بعضها أحمر دون بعض لا يحمل ذلك الوصف عليه إلا لموجب، فإن أراد أن ذلك معنى الحلة الحمراء لغة فليس في كتب اللغة ما يشهد لذلك، وإن أراد أن ذلك حقيقة شرعية فيها فالحقائق الشرعية لا تثبت بمجرد الدعوى، والواجب حمل مقالة ذلك الصحابي على لغة العرب لأنها لسانه ولسان قومه، فإن قال: إنما فسرها بذلك التفسير للجمع بين الأدلة فمع كون كلامه آبيا عن ذلك لتصريحه بتغليظ من قال إنها الحمراء البحت لا ملجئ إليه لامكان الجمع بدونه كما ذكرنا، مع أن حمله الحلة الحمراء على ما ذكر ينافي ما احتج به في أثناء كلامه من إنكاره (ص) على القوم الذين رأى على رواحلهم أكسية فيها خطوط حمر. (وفيه دليل) على كراهية ما فيه الخطوط وتلك الحلة كذلك بتأويله. قوله في الحديث: يبلغ شحمة أذنيه هي اللين من الاذن في أسفلها وهو معلق القرط منها، وقد اختلفت الروايات الصحيحة في شعره، فههنا إلى شحمة أذنيه، وفي رواية كان يبلغ شعره منكبيه، وفي رواية إلى أنصاف أذنيه وعاتقه. قال القاضي: الجمع بين هذه الروايات أن ما يلي الاذن هو الذي يبلغ شحمة أذنيه وهو الذي بين أذنه وعاتقه، وما خلفه هو الذي يضرب منكبيه. وقيل: كان ذلك لاختلاف الأوقات، فإذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب، وإذا قصرها كانت إلى أنصاف أذنيه، وكان يقصر ويطول بحسب ذلك. وقد تقدم نحو هذا في باب اتخاذ الشعر. وفي فتح الباري أن في لبس الثوب الأحمر سبعة مذاهب: الأول الجواز مطلقا جاء عن علي عليه السلام وطلحة وعبد الله بن جعفر والبراء وغير واحد من الصحابة، وعن سعيد بن المسيب والنخعي والشعبي وأبي قلابة وطائفة من التابعين. والثاني: المنع مطلقا ولم ينسبه الحافظ إلى قائل معين إنما ذكر أخبارا وآثارا يعرف بها من قال بذلك. الثالث: يكره لبس الثوب المشبع بالحمرة دون ما كان صبغه خفيفا، جاء ذلك عن عطاء وطاوس ومجاهد. الرابع: يكره لبس الأحمر
(٩٢)