الفراش موضع إهانة، وبالقياس على الوسائد المحشوة بالقز قال: إذ لا خلاف فيها، وهذا دليل باطل لا ينبغي التعويل عليه في مقابلة النصوص كحديث الباب والحديث الآتي بعده، وقد تقرر عند أئمة الأصول وغيرهم بطلان القياس المنصوب في مقابلة النص وأنه فاسد الاعتبار، وعدم حجية أقوال الصحابة لا سيما إذا خالفت الثابت عنه (ص).
وعن علي عليه السلام قال: نهاني رسول الله (ص) عن الجلوس على المياثر والمياثر قسي كانت تصنعه النساء لبعولتهن على الرحل كالقطائف من الأرجوان رواه مسلم والنسائي.
قد اتفق الشيخان على النهي عن المياثر من حديث البراء. وأخرج الجماعة كلهم إلا البخاري حديث علي عليه السلام بلفظ: نهى رسول الله (ص) عن خاتم الذهب وعن لبس القسي وعن الميثرة. وفي رواية: مياثر الأرجوان ولم يذكر الجلوس إلا في رواية مسلم ولهذا ذكره المصنف رحمه الله. قوله:
على المياثر جمع ميثرة بكسر الميم وبالثاء المثلثة وهي مأخوذة من الوثارة وهي اللين والنعمة وياء ميثرة وأو لكنها قلبت لكسر ما قبلها كميزان وميعاد، وقد فسرها علي بما ذكره مسلم في صحيحه كما رواه المصنف عنه، وكذلك فسرها البخاري في صحيحه، وقد اختلف في تفسير المياثر على أربعة أقوال: منها هذا التفسير المروي عن علي عليه السلام والاخذ به أولى. قوله:
والمياثر قسي القسي بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة على الصحيح، قال أهل اللغة: وغريب الحديث هي ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقس بفتح القاف موضع من بلاد مصر على ساحل البحر قريب من تنيس. وقيل إنها منسوبة إلى القز وهو ردئ الحرير فأبدلت الزاي سينا. قوله: من الأرجوان هو بضم الهمزة والجيم وهو الصوف الأحمر كذا في شرح السنن لابن رسلان وقيل: الأرجوان الحمرة، وقيل: الشديد الحمرة، وقيل: الصباغ الأحمر ألقاني. والحديث يدل على تحريم الجلوس على ما فيه حرير، وقد خصص بعضهم بالمذهب فقال: إن كان حرير الميثرة أكثر أو كانت جميعها من الحرير فالنهي للتحريم وإلا فالنهي للتنزيه. والاستدلال بهذا الحديث على تحريم ذلك على الأمة مبني على أن خطابه (ص) لواحد خطاب لبقية الأمة، والحكم عليه حكم عليهم، وفي ذلك خلاف في الأصول مشهور، وقد ثبت في غير هذه الرواية بلفظ نهي كما عرفت، وهو دليل على عدم اختصاص ذلك بعلي عليه السلام.