فأتى بها النبي (ص) فقال: يا رسول الله ابتع هذه فتجمل بها للعيد والوفود، فقال رسول الله (ص): إنما هذه لباس من لا خلاق له، ثم لبث عمر ما شاء الله أن يلبث، فأرسل إليه (ص) بجبة ديباج فأتى عمر النبي (ص) فقال: يا رسول الله قلت: إنما هذه لباس من لا خلاق له ثم أرسلت إلي بهذه، فقال (ص): إني لم أرسلها إليك لتلبسها ولكن لتبيعها وتصيب بها حاجتك.
ومن أدلة التحريم حديث عقبة بن عامر السابق في الباب الذي قبل هذا الكتاب، فإن قوله: لا ينبغي هذا للمتقين إرشاد إلى أن لابس الحرير ليس من زمرة المتقين. وقد علم وجوب الكون منهم ومن ذلك ما عند البخاري بلفظ: الذهب والفضة والحرير والديباج لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ومن ذلك حديث أبي موسى وعلي وحذيفة وعمر وأبي عامر وستأتي، وإذا لم تفد هذه الأدلة التحريم فما في الدنيا محرم. وأما معارضتها بما سيأتي فستعرف ما عليه. وقد أجمع المسلمون على التحريم، ذكر ذلك المهدي في البحر وقد نسب فيه الخلاف في التحريم إلى ابن علية وقال: إنه انعقد الاجماع بعده على التحريم. وقال القاضي عياض: حكي عن قوم إباحته، وقال أبو داود: إنه لبس الحرير عشرون نفسا من الصحابة أو أكثر منهم أنس والبراء بن عازب ووقع الاجماع على أن التحريم مختص بالرجال دون النساء، وخالف في ذلك ابن الزبير مستدلا بعموم الأحاديث، ولعله لم يبلغه المخصص الذي سيأتي. وقد استدل من جوز لبس الحرير بأدلة: منها حديث عقبة بن عامر المتقدم في الباب الذي قبل الكتاب، وقد عرفت الجواب عن ذلك فيما سلف.
ومنها حديث أسماء بنت أبي بكر في الجبة التي كان يلبسها رسول الله (ص)، وسيأتي في باب إباحة اليسير من الحرير وسنذكر الجواب عنه هنالك. ومنها حديث المسور بن مخرمة عند الشيخين إنها قدمت للنبي (ص) أقبية فذهب هو وأبوه إلى النبي (ص) لشئ منها فخرج النبي (ص) وعليه قباء من ديباج مزرور فقال: يا مخرمة خبأنا لك هذا وجعل يريه محاسنه وقال: أرضي مخرمة؟ والجواب أن هذا فعل لا ظاهر له، والأقوال صريحة في التحريم، على أنه لا نزاع أن النبي (ص) كان يلبس الحرير ثم كان التحريم آخر الامرين كما يشعر بذلك حديث جابر المتقدم. ومنها حديث عبد الله بن سعد عن أبيه، وسيأتي في باب ما جاء في لبس الحرير وسنذكر الجواب عنه هنالك. ومنها ما تقدم من لبس جماعة