من الصحابة له، وسيأتي الجواب عليه في باب ما جاء في لبس الخز. ومنها أنه (ص) لبس مستقة من سندس أهداها له ملك الروم ثم بعث بها إلى جعفر فلبسها ثم جاءه فقال: إني لم أعطكها لتلبسها، قال: فما أصنع؟ قال: أرسل بها إلى أخيك النجاشي، أخرجه أبو داود، والجواب عن الاحتجاج بلبسه (ص) مثل ما تقدم في الجواب عن حديث مخرمة. وأما عن الاحتجاج بأمره (ص) لجعفر أن يبعث بها للنجاشي فالجواب عنه كالجواب الذي سيأتي في شرح حديث لبسه (ص) للخز، على أن الحديث غير صالح للاحتجاج، لأن في إسناده علي بن زيد بن جدعان ولا يحتج بحديثه، ويمكن أن يقال: إن لبسه (ص) لقبا الديباج وتقسيمه للأقبية بين أصحابه ليس فيه ما يدل على أنه متقدم على أحاديث النهي، كما أنه ليس فيها ما يدل على أنها متأخرة عنه، فيكون قرينة صارفة للنهي إلى الكراهة، ويكون ذلك جمعا بين الأدلة. ومن مقويات هذا ما تقدم أنه لبسه عشرون صحابيا، ويبعد كل البعد أن يقدموا على ما هو محرم في الشريعة، ويبعد أيضا أن يسكت عنهم سائر الصحابة وهم يعلمون تحريمه، فقد كانوا ينكرون على بعضهم بعضا ما هو أخف من هذا وقد اختلفوا في الصغار أيضا هل يحرم إلباسهم الحرير أم لا؟ فذهب الأكثر إلى التحريم، قالوا: لأن قوله على ذكور أمتي كما في الحديث الآتي يعمهم. ولحديث ثوبان عند أبي داود: أن النبي (ص) قدم من غزاة وكان لا يقدم إلا بدأ حين يقدم ببيت فاطمة، فوجدها قد علقت سترا على بابها وحلت الحسنين بقلبين من فضة، فتقدم فلم يدخل عليها فظنت أنه إنما منعه أن يدخل ما رأى، فهتكت الستر وفكت القلبين عن الصبيين فانطلقا إلى رسول الله (ص) يبكيان فأخذه منهما وقال: يا ثوبان اذهب بهذا إلى آل فلان الحديث. وهذا وإن كان واردا في الحلية ولكنه مشعر بأن حكمهم حكم المكلفين فيها فيكون حكمهم
(٧٤)