وهي لأهل مكة أوسع قليلا، ثم هي لأهل الحرم أوسع قليلا، ثم لأهل الآفاق من السعة على حسب ما ذكرنا اه. قال الترمذي قال ابن عمر: إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة إذا استقبلت القبلة. وقال ابن المبارك: ما بين المشرق والمغرب قبلة هذا لأهل المشرق، واختار ابن المبارك التياسر لأهل مرو اه. وقد يستشكل قول ابن المبارك من حيث أن من كان بالمشرق إنما يكون قبلته المغرب فإن مكة بينه وبين المغرب، والجواب عنه أنه أراد بالمشرق البلاد التي يطلق عليها اسم المشرق كالعراق مثلا فإن قبلتهم أيضا بين المشرق والمغرب قبلة لأهل العراق، قال: وقد ورد مقيدا بذلك في بعض طرق حديث أبي هريرة: ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل العراق رواه البيهقي في الخلافيات، وروى ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه قال: إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة لأهل المشرق. ويدل على ذلك أيضا تبويب البخاري على حديث أبي أيوب بلفظ باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام، والمشرق ليس في المشرق ولا المغرب قبلة. قال ابن بطال في تفسير هذه الترجمة: يعني وقبلة مشرق الأرض كلها إلا ما قابل مشرق مكة من البلاد التي تكون تحت الخط المار عليها من المشرق إلى المغرب، فحكم مشرق الأرض كلها كحكم مشرق أهل المدينة والشام في الامر بالانحراف عند الغائط، لأنهم إذا شرقوا أو غربوا لم يستقبلوا القبلة ولم يستدبروها، قال: وأما ما قابل مشرق مكة من البلاد التي تكون تحت الخط المار عليها من شرقها إلى مغربها فلا يجوز لهم استعمال هذا الحديث، ولا يصح لهم أن يشرقوا ولا أن يغربوا، لأنهم إذا شرقوا استدبروا القبلة، وإذا غربوا استقبلوها، وكذلك من كان موازيا بالمغرب مكة، إذ العلة فيه مشتركة مع المشرق، فاكتفى بذكر المشرق عن المغرب لأن المشرق أكثر الأرض المعمورة، وبلاد الاسلام في جهة مغرب الشمس قليل، قال: وتقدير الترجمة بأن قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق ليس في التشريق ولا في التغريب يعني أنهم عند الانحراف للتشريق والتغريب ليسوا بمواجهين للقبلة ولا مستدبرين لها، والعرب تطلق المشرق والمغرب بمعنى التغريب والتشريق، وأنشد ثعلب في المجالس: أبعد مغربهم نجدا وساحتها.
قال ثعلب معناه أبعد تغريبهم انتهى. وقد أطلنا الكلام في تفسير معنى الحديث لأنه كثيرا ما يسأل عنه الناس ويستشكلونه لا سيما مع زيادة لفظ لأهل المشرق.