أن يكون فاعل استقبلوها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه. وفي رواية في البخاري بكسر الموحدة بصيغة الامر، ويؤيد الكسر ما عند البخاري في التفسير بلفظ: ألا فاستقبلوها. قوله: وكانت وجوههم هو تفسير من الراوي للتحول المذكور، والضمير في وجوههم فيه الاحتمالان، وقد وقع بيان كيفية التحول في خبر تويلة قالت: فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء. قال الحافظ: وتصويره أن الامام تحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخر المسجد لأن من استقبل الكعبة استدبر بيت المقدس، وهو لو دار في مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف، ولما تحول الامام تحولت الرجال حتى صاروا خلفه، وتحول النساء حتى صرن خلف الرجال، وهذا يستدعي عملا كثيرا في الصلاة، فيحتمل أن ذلك وقع قبل تحريم العمل الكثير كما كان قبل تحريم الكلام، ويحتمل أن يكون اغتفر العمل المذكور من أجل المصلحة المذكورة، أو وقعت الخطوات غير متوالية عند التحول بل وقعت مفرقة. (وللحديث الأول فوائد) منها: أن حكم الناسخ لا يثبت في حق المكلف حتى يبلغه لأن أهل قبا لم يؤمروا بالإعادة. ومنها: جواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أمر القبلة، لأن الأنصار تحولوا إلى جهة الكعبة بالاجتهاد ونظره الحافظ قال: يحتمل أن يكون عندهم بذلك نص سابق. ومنها:
جواز تعليم من ليس في الصلاة من هو فيها. ومنها: جواز نسخ الثابت بطريق العلم والقطع بخبر الواحد، وتقريره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينكر على أهل قبا عملهم بخبر الواحد، وأجيب عن ذلك بأن الخبر المذكور احتف بالقرائن والمقدمات التي أفادت القطع لكونه في زمن تقلب وجهه في السماء ليحول إلى جهة الكعبة، وقد عرفت منه الأنصار ذلك بملازمتهم له فكانوا يتوقعون ذلك في كل وقت، فلما فجأهم الخبر عن ذلك أفادهم العلم لما كانوا يتوقعون حدوثه. وأجاب العراقي بأجوبة أخر. منها: أن النسخ بخبر الواحد كان جائزا على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما امتنع بعده. قال الحافظ: ويحتاج إلى دليل. ومنها أنه تلا عليهم الآية التي فيها ذكر النسخ بالقرآن وهم أعلم الناس بإطالته وإيجازه وأعرفهم بوجوه إعجازه. ومنها أن العمل بخبر الواحد مقطوع به، ثم قال:
الصحيح أن النسخ للمقطوع بالمظنون كنسخ نص الكتاب أو السنة المتواترة بخبر الواحد جائز عقلا وواقع سمعا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزمانه، ولكن أجمعت الأمة على منعه بعد الرسول، فلا مخالف فيه وإنما الخلاف في تجويزه في عهد الرسول صلى الله