وسلم تحريم بيع الميتة جوز السامع أنه قد يخص من العام بعض ما يصد عليه فقال السائل: أرأيت شحوم الميتة؟ وذكر لها ثلاث منافع: أي أخبرني عن الشحوم هل تخص من التحريم لنفعها أم لا؟ فأجاب صلى الله عليه وسلم أنه حرام، فأبان له أنها غير خارجه عن الحكم والضمير في قوله هو حرام يحتمل أن للبيع: أي بيع الشحوم حرام، وهذا هو الأظهر لان الكلام مسوق له ولأنه قد أخرج الحديث أحمد، وفيه (فما ترى في بيع شحوم الميتة) الحديث: ويحتمل أنه للانتفاع المدلول عليه بقوله (فإنها تطلى بها السفين) إلى آخره، وحمله الأكثر عليه فقالوا: لا ينتفع من الميتة بشئ إلا بجلدها إذا دبغ لدليله الذي مضى في أول الكتاب، فهو بخص هذا العموم وهو مبنى على عود الضمير إلى الانتفاع. من قال الضمير يعود إلى البيع استدل بالاجماع على جواز إطعام الميتة الكلاب ولو كانت الكلاب ولو كانت كلاب الصيد لمن ينتفع بها، وقد عرفت أن الأقرب عود الضمير إلى البيع فيجوز الانتفاع بالنجس مطلقا ويحرم بيعه لما عرفت، وقد يزيده قوة قوله في ذم اليهود (إنهم جملوا الشحم ثم باعوه وأكلوا ثمنه) فإنه ظاهر في توجه النهى إلى البيع الذي ترتب عليه أكل الثمن، وإذا كان التحريم للبيع جاز الانتفاع بشحوم الميتة والادهان المتنجسة في كل شئ وجاز إطعام شحوم الميتة الكلاب وإطعام العسل المتنجس النحل وإطعامه الدواب وجوز جميع ذلك مذهب الشافعي، ونقله القاضي عياض عن مالك وأكثر أصحابه وأبي حنيفة أصحاب والليث، ويؤيد جواز الانتفاع ما رواه الطحاوي (أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في صمن فقال: إن كان جامدا فألقوها وما حولها، إن كان مانعا فاستصبحوا به أو انتفعوا به) قال الطحاوي: إن رجاله ثقاب، وروى ذل عن جماعة من الصحابة منهم علي رضي الله عنه وابن عمر أبو موسى ومن التابعين القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وهذا هو الواضح دليلا. وأما التفرقة بين الاستهلاكات وغيرها فلا دليل لها بل هو رأى محض، وأما المتنجس فإن كان يمكن تطهيره فلا كلام في جواز بيعه، وأن لا يمكن فيحرم بيعه قالته الهادوية وابن حنبل. وفى الحديث دليل على أنه إذا حرم بيع شئ حرم ثمنه، كل حيلة يتوصل بها إلى تحليل محرم فهي باطلة.
3 - (وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول:
إذا اختلف المتبايعان) في رواية البيعان) وليس بينهما بينة فالقول ما يقول رب السلعة أو يتتاركان) وفي رواية يترادان) زاد ابن ماجة في رواية والمبيع قائم بعينه ولأحمد " والسعلة كما " هي وأما رواية والمبيع مستهلك فهي مضعفة (رواه الخمسة وصححه الحاكم) وللعلماء كلام كثير على صحة الحديث 1، وهو دليل على أنه إذا وقع