فألحق بأحدهما فقط فقد أبطل شبهة بالثاني من كل وجه فإذا ألحق بكل واحد منهما من وجه فيكون هذا الحكم وهو إثبات النسب بالنظر إلى ما يجب للمدعي من أحكام البنوة ثابتا وبالنظر إلى ما يجب للمدعى نم أحكام البنوة ثابتا والنظر إلى ما يتعلق بالغير من النظر إلى المحارم غير ثابت. قالوا: ولا يمتنع ثبوت النسب من وجه دون وجه كما ذهب أبو حنيفة والأوزاعي وغيرهم إلى أنه لا يحل أن يتزوج بنته من الزنا وإن كان لها حكم الأجنبية. وقد اعترض هذا ابن دقيق العيد بما ليس بناهض. وفي الحديث دليل على أن لغير الأب أن يستلحق الولد فإن عبد بن زمعة استلحق أخاه بإقراره بأن الفراش لأبيه وظاهر الرواية أن ذلك يصح وإن لم يصدقه الورثة فإن سودة لم يذكر منها تصديق ولا إنكار إلا أن يقال إن سكوتها قائم مقام الاقرار. وفي المسألة قولان: الأول: أنه إذا كان المستلحق غير الأب ولا وارث غيره وذلك كأن يستلحق الجد ولا وارث سواه صح إقراره وثبت نسب المقر به. وكذلك إن كان المستلحق بعض الورثة وصدقه الباقون والأصل في ذلك أن من حاز المال ثبت النسب بإقراره واحدا كان أو جماعة وهذا مذهب أحمد والشافعي لان الورثة قاموا مقام الميت وحلوا محله. الثاني: للهادوية أنه لا يصح الاستلحاق من غير الأب وإنما المقر به يشارك المقر في الإرث دون النسب ولكن قوله (ص) لعبد بن زمعة هو أخوك كما أخرجه البخاري دليل ثبوت النسب في ذلك. ثم اختلف القائلون بلحوق النسب بإقرار غير الأب: هل هو إقرار خلافة ونيابة عن الميت فلا يشترط عدالة المستلحق بل ولا إسلامه؟ أو هو إقرار شهادة؟
فتعتبر فيه أهلية الشهادة؟ فقالت الشافعية وأحمد: إنه إقرار خلافة ونيابة. وقال المالكية:
إنه إقرار شهادة. واستدل الهادوية والحنفية بالحديث على عدم ثبوت النسب بالقيافة لقوله الولد للفراش قالوا: ومثل هذا التركيب يفيد الحصر ولأنه لو ثبت بالقيافة لكانت قد حصلت بما رآه من شبه المدعى بعتبة ولم يحكم به له بل حكم به لغيره. وذهب الشافعي وغيره إلى ثبوته بالقيافة إلا أنه إنما يثبت بها فيما حصل من وطأين محرمين كالمشتري والبائع يطآن الجارية في طهر قبل استبراء. واستدلوا بما أخرجه الشيخان من استبشاره (ص) بقول مجزز المدلجي وقد رأى قدمي أسامة بن زيد وزيد: إن هذه الاقدام بعضها من بعض فاستبشر صلى الله عليه وسلم بقوله وقرره على قيافته وسيأتي الكلام فيه في آخر باب الدعاوي وبما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم في قصة اللعان: إن جاءت به على صفة كذا فهو لفلان أو على صفة كذا فهو لفلان. فإنه دليل الالحاق بالقيافة ولكن منعته الايمان عن الالحاق فدل على أن القيافة مقتض لكنه عارض العمل بها المانع وبأنه صلى الله عليه وسلم " قال لام سليم لما قالت: أو تحتلم المرأة -: فمن أين يكون الشبه؟. ولأنه أمر سودة بالاحتجاب كما سلف لما رأى من الشبه وبأنه قال للذي ذكر له أن امرأته أتت بولد على غير لونه: لعله نزعه عرق فإنه ملاحظة للشبه. ولكنه لا حكم للقيافة مع ثبوت الفراش في ثبوت النسب. وقد أجاب النفاة للقيافة بأجوبة لا تخلو عن تكلف والحكم الشرعي يثبته الدليل الظاهر والتكلف لرد الظواهر من الأدلة محاماة عن المذهب ليس من شأن المتبع لما جاء عن الله ورسوله