(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن.
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه) تقدم الكلام، وأنه كان (ص) يفعلها، وهذه رواية في الامر بها وتقدم أنه صرفه عن الايجاب ما عرفت وعرفت كلام الناس فيه.
(وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى متفق عليه). الحديث دليل على مشروعية نافلة الليل مثنى مثنى، فيسلم على كل ركعتين. وإليه ذهب جماهير العلماء، وقال مالك: لا تجوز الزيادة على اثنتين لان مفهوم الحديث الحصر، لأنه في قوة ما صلاة الليل إلا مثنى مثنى لان تعريف المبتدأ قد يفيد ذلك على الأغلب، وأجاب الجمهور بأن الحديث وقع جوابا لمن سأل عن صلاة الليل فلا دلالة فيه على الحصر، وبأنه لو سلم فقد عارضه فعله (ص) وهو ثبوت إيتاره بخمس، كما في حديث عائشة عند الشيخين والفعل قرينة على عدم إرادة الحصر. وقوله: فإذا خشي أحدكم الصبح أوتر بركعة دليل على أنه لا يوتر بركعة واحدة إلا لخشية طلوع الفجر وإلا أوتر بخمس أو سبع أو نحوها لا بثلاث للنهي عن الثلاث، فإنه أخرج الدارقطني، والحاكم، وابن حبان من حديث أبي هريرة مرفوعا (أوتروا بخمس أو بسبع أو بتسع أو إحدى عشرة)، زاد الحاكم: ولا توتروا بثلاث لا تشبهوا بصلاة المغرب. قال المصنف: ورجاله كلهم ثقات ولا يضره وقف من وقفه، إلا أنه قد عارضه حديث أبي أيوب: من أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، أخرجه أبو داود والنسائي، وابن ماجة وغيرهم. وقد جمع بينهما بأن النهي عن الثلاثة إذا كان يقعد للتشهد الأوسط لأنه يشبه المغرب، وأما إذا لم يقعد إلا في آخرها فلا يشبه المغرب، وهو جمع حسن قد أيده حديث عائشة عند أحمد، والنسائي، والبيهقي، والحاكم: كان (ص) يوتر بثلاث لا يجلس إلا في آخرتهن. ولفظ أحمد: كان يوتر بثلاث لا يفصل بينهن. ولفظ الحاكم: لا يقعد. هذا وأما مفهوم أنه لا يوتر بواحدة إلا لخشية طلوع الفجر، فإنه يعارضه حديث أبي أيوب هذا فإن فيه: ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل. وهو أقوى من مفهوم حديث الكتاب، وفي حديث أبي أيوب دليل على صحة الاحرام بركعة واحدة، وسيأتي قريبا.
(وللخمسة) أي من حديث أبي هريرة، (وصححه ابن حبان بلفظ: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وقال النسائي: هذا خطأ) أخرجه المذكورين من حديث علي بن عبد الله البارقي عن ابن عمر بهذا، وأصله في الصحيحين بدون ذكر النهار، وقال ابن عبد البر: لم يقله أحد عن ابن عمر غير علي وأنكروه عليه، وكان ابن معين يضعف حديثه هذا ولا يحتج به، ويقول: إن نافعا وعبد الله بن دينار وجماعة رووه عن ابن عمر بدون ذكر النهار، وروي بسنده عن يحيى بن معين أنه قال: صلاة النهار أربع لا يفصل بينهن فقيل له: فإن أحمد بن حنبل يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، قال: بأي حديث قيل بحديث