الوتر ما بين الصلاة العشاء إلى طلوع الفجر. رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الحاكم).
قلت: قال الترمذي عقيب اخراجه له: حديث خارجة بن حذافة، حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب، وقد وهم بعض المحدثين في هذا الحديث ثم ساق الوهم فيه فكان يحسن من المصنف التنبيه على ما قاله الترمذي هذا. وفي الحديث ما يفيد عدم وجوب الوتر لقوله: أمدكم، فإن الامداد هو الزيادة بما يقوي المزيد عليه، يقال: مد الجيش وأمده إذا زاده وألحق به ما يقويه ويكثره ومد الدواة وأمدها زادها ما يصلحها، ومددت السراج والأرض إذا أصلحتهما بالزيت والسماد.
فائدة في حكمة شرعية النوافل أخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، والحاكم من حديث تميم الداري مرفوعا: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان أتمها كتبت له تامة، وإن لم يكن أتمها، قال الله تعالى لملائكته: * (انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته) * ثم الزكاة كذلك) *، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك، وأخرجه الحاكم في الكنى من حديث ابن عمر مرفوعا: أول ما افترض الله على أمتي الصلوات الخمس، وأول ما يرفع من أعمالهم الصلوات الخمس، وأول ما يسألون عنه الصلوات الخمس، فمن كان ضيع شيئا منها يقول نقص من الفريضة؟ وانظروا صيام عبدي شهر رمضان فإن كان ضيع شيئا منه فانظروا هل تجدون لعبدي نافلة من صيام تتمون بها ما نقص من الصيام؟ وانظروا في زكاة عبدي، فإن كان ضيع شيئا فانظروا هل تجدون لعبدي نافلة من صدقة تتمون بها ما نقص من الزكاة فيؤخذ ذلك على فرائض الله وذلك برحمة الله وعدله، فإن وجد له فضل وضع في ميزانه، وقيل له: ادخل الجنة مسرورا وإن لم يوجد له شئ من ذلك أمرت الزبانية، فأخذت بيديه ورجليه ثم قذف في النار، وهو كالشرح والتفصيل لحديث تميم الداري (وروي أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه) أي نحو حديث خارجة فشرحه شرحه.
(وعن عبد الله بن بريدة) بضم الموحدة بعدها راء مهملة مفتوحة ثم مثناة تحتية ساكنة فدال مهملة مفتوحة هو ابن الحصيب بضم الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة والمثناة التحتية والباء الموحدة الأسلمي وعبد الله من ثقات التابعين سمع أباه وسمرة بن جندب وآخرين وتولى قضاء مرو ومات بها (عن أبيه) بريدة بن الحصيب تقدم ذكره (قال: قال رسول الله (ص): الوتر حق) أي لازم فهو من أدلة الايجاب، (فمن لم يوتر فليس منا أخرجه أبو داود بسند لين) لان فيه عبد الله بن عبد الله العتكي، ضعفه البخاري والنسائي، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، (وصححه الحاكم)، وقال ابن معين: إنه موقوف (وله شاهد ضعيف عن أبي هريرة عند أحمد)، رواه بلفظ: من لم يوتر فليس منا، وفيه الخليل بن مرة منكر الحديث، وإسناده منقطع كما قاله أحمد، ومعنى ليس منا ليس على سنتنا وطريقتنا، والحديث محمول على تأكد السنية للوتر جمعا بينه وبين الأحاديث الدالة على عدم الوجوب.