العلماء أنه كان يأمر بحذفها من الحديث وكأنه استشكل الصلاة، إذ وقت تلك الساعة إذا كان من بعد العصر فهو وقت كراهة للصلاة وكذا إذا كان من حال جلوس الخطيب على المنبر إلى انصرافه، وقد تأولت هذه الجملة بأن المراد منتظرا للصلاة، والمنتظر للصلاة في صلاة كما ثبت في الحديث، وإنما قلنا إن المشير بيده هو النبي (ص) لما في رواية مالك فأشار النبي (ص) وقيل المشير بعض الرواة. وأما كيفية الإشارة فهو أنه وضع أنملته على بطن الوسطى أو الخنصر يبين قلتها. وقد أطلق السؤال هنا وقيده في غيره كما عند ابن ماجة ما لم يسأل الله إثما وعند أحمد ما لم يسأل إثما أو قطيعة رحم.
(وعن أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء ودال مهملة هو عامر ابن عبد الله بن قيس، وعبد الله هو أبو موسى الأشعري، وأبو بردة من التابعين المشهورين سمع أباه وعليا عليه السلام وابن عمر وغيرهم (عن أبيه) أبي موسى الأشعري (قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: هي) أي ساعة الجمعة (ما بين أن يجلس الامام) أي على المنبر (إلى أن تقض الصلاة رواه مسلم ورجح الدارقطني أنه من قول أبي بردة).
وقد اختلف العلماء في هذه الساعة وذكر المصنف في فتح الباري عن العلماء ثلاثة وأربعين قولا وسيشير إليها وسردها الشارح رحمه الله في الشرح، وهذا المروي عن أبي موسى أحدها ورجحه مسلم على ما روى عنه البيهقي وقال: هو أجود شئ في هذا الباب وأصحه وقال به البيهقي وابن العربي وجماعة، وقال القرطبي: هو نص في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره وقال النووي: هو الصحيح بل الصواب. قال المصنف: وليس المراد أنها تستوعب جميع الوقت الذي عين بل تكون في أثنائه لقوله يقللها وقوله خفيفة. وفائدة ذكر الوقت أنها تنتقل فيها فيكون ابتداء مظنتها ابتداء الخطبة مثلا وانتهاؤها انتهاء الصلاة. وأما قوله: إنه رجح الدارقطني أن الحديث من قوله أبي بردة فقد يجاب عنه بأنه لا يكون إلا مرفوعا فإنه لا مسرح للاجتهاد في تعيين أوقات العبادات ويأتي ما أعله به الدارقطني قريبا.
(وفي حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه) هو أبو يوسف بن سلام من بني قينقاع إسرائيلي من ولد يوسف بن يعقوب عليه السلام وهو أحد الأحبار وأحد من شهد له النبي (ص) بالجنة روى عنه ابناه يوسف ومحمد وأنس بن مالك وغيرهم مات بالمدينة سنة ثلاث وأربعين وسلام بتخفيف اللام قال المبرد: لم يكن في العرب سلام بالتخفيف غيره (عند ابن ماجة) لفظه فيه عن عبد الله بن سلام قال: قلت: ورسول الله (ص) جالس: إنا لنجد في كتاب الله - يعني التوراة - في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله عز وجل شيئا إلا قضى الله له حاجته، قال عبد الله: فأشار أي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعض ساعة قلت: صدقت يا رسول الله أو بعض ساعة، قلت: أي ساعة هي؟ قال: هي آخر ساعة من ساعات النهار قلت: إنها ليست ساعة صلاة قال: إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يجلسه إلا الصلاة فهو في صلاة انتهى.
(وجابر رضي الله عنه عند أبي داود وللنسائي: أنها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس)