في حكم الخطاب الواحد فيترتب فيه المطلق على المقيد. وقالت الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد مطلقا فتجزئ الرقبة الكافرة. وقيل: يفصل في ذلك وهو أنه يقيد المطلق إذا اقتضى القياس التقييد فيكون تقييدا بالقياس كالتخصيص بالقياس وهو مذهب الجمهور، والعلة الجامعة هنا هو أن جميع ذلك كفارة عن ذنب مكفر للخطيئة والمسألة مبسوطة في الأصول. ثم الحديث ظاهر في أن الكفارة مرتبة كما ذكر في الحديث فلا يجزئ العدول إلى الثاني مع إمكان الأول، ولا إلى الثالث مع إمكان الثاني لوقوعه مرتبا في رواية الصحيحين، وروى الزهري الترتيب عن ثلاثين نفسا أو أكثر . ورواية التخيير مرجوحة مع ثبوت الترتيب في الصحيحين، ويؤيد رواية الترتيب أنه الواقع في كفارة الظهار وهذه الكفارة شبيهة بها. قوله: ستين مسكينا ظاهر مفهومه أنه لا يجزئ إلا إطعام هذا العدد فلا يجزئ أقل من ذلك. وقال الحنفية: يجزئ الصرف في واحد ففي القدوري من كتبهم فإن أطعم مسكينا واحدا ستين يوما أجزأه عندنا وإن أعطاه في يوم واحد لم يجزه إلا عن يومه. وقوله: اذهب فأطعمه أهلك فيه قولان للعلماء: أحدهما : أن هذه كفارة ومن قاعدة الكفارات أن لا تصرف في النفس لكنه (ص) خصه بذلك، ورد بأن الأصل عدم الخصوصية، الثاني: أن الكفارة ساقطة عنه لإعساره ويدل له حديث علي رضي الله عنه: كله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك إلا أنه حديث ضعيف، أو أنها باقية في ذمته والذي أعطاه (ص) صدقة عليه وعلى أهله لما عرفه (ص) من حاجتهم. وقالت الهادوية وجماعة: إن الكفارة غير واجبة أصلا لا على موسر ولا معسر قالوا: لأنه أباح له أن يأكل منها ولو كانت واجبة لما جاز ذلك وهو استدلال غير ناهض لان المراد ظاهر في الوجوب وإباحة الأكل لا تدل على أنها كفارة بل فيها الاحتمالات التي سلفت. واستدل المهدي في البحر على عدم وجوب الكفار بأنه (ص) قال للمجامع: استغفر الله وصم يوما مكانه ولم يذكرها وأجيب عنه بأنه قد ثبت رواية الامر بها عند السبعة بهذا الحديث المذكور هنا. واعلم أنه (ص) لم يأمره في هذه الرواية بقضاء اليوم الذي جامع فيه إلا أنه ورد في رواية أخرجها أبو داود من حديث أبي هريرة بلفظ كله أنت وأهل بيتك وصم يوما واستغفر الله. وإلى وجوب القضاء ذهبت الهادوية والشافعي لعموم قوله تعالى: * (فعدة من أيام أخر) * وفي قول الشافعي أنه لا قضاء لأنه (ص) لم يأمره إلا بالكفارة لا غير. وأجيب: بأنه اتكل (ص) على ما علم من الآية. هذا حكم ما يجب على الرجل. وأما المرأة التي جامعها فقد استدل بهذا الحديث أنه لا يلزم إلا كفارة واحدة وأنها لا تجب على الزوجة وهو الأصح من قولي الشافعي وبه قال الأوزاعي. وذهب الجمهور إلى وجوبها على المرأة أيضا قالوا:
وإنما لم يذكرها النبي (ص) مع الزوج لأنها لم تعترف واعتراف الزوج لا يوجب عليها الحكم، أو لاحتمال أن المرأة لم تكن صائمة بأن تكون طاهرة من الحيض بعد طلوع الفجر