(وإذا كانت له بينة بألف فقال: أريد أن تشهدا لي بخمسمائة لم يجز إذا كان الحاكم لم يول الحكم فوقها) نص عليه وقدمه أئمة المذهب وصححه الموفق وجزم به في الوجيز، لقوله تعالى: * (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها) *.
ولأنه لو ساغ له ذلك لساغ للقاضي أن يقضي ببعض ما شهد به الشاهد، وقال القاضي في الأحكام السلطانية: للشاهد أن يشهد بالألف والقاضي يحكم بالقدر الذي جعل له الحكم فيه وذكره نصا، وقال أبو الخطاب: يجوز لأن مالك الشئ مالك لبعضه فمن شهد بألف فقد شهد بخمسمائة.
تنبيه: قوله إذا كان الحاكم لم يول الحكم فوقها. ذكره في المحرر وتبعه في الفروع والوجيز والمبدع زاد في الوجيز وإلا جاز. قال ابن قندس في حواشي المحرر. وهذا مشكل من جهة المعنى والنقل. قال: ولهذا لم يذكره في المقنع والكافي لأنه والله أعلم فهم أنه ليس بقيد يحترز به وأطال فيه، ولهذا قال في المنتهى: ولو كان الحاكم لم يول الحكم فوقها.
باب شروط من تقبل شهادته والحكمة في اعتبارها حفظ الأموال والاعراض والأنفس أن تنال بغير حق، فاعتبرت أحوال الشهود بخلوهم عما يوجب التهمة فيهم ووجوب ما يوجب تيقظهم. (وهي ستة أحدها البلوغ فلا تقبل شهادة من هو دونه في جراح، ولا) في (غيره ولو ممن) أي صغير (هو في حال أهل العدالة) لقوله تعالى: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) * . والصبي لا يسمى رجلا، ولأنه غير مقبول القول في حق نفسه ففي حق غيره أولى، ولأنه غير كامل العقل فهو في معنى المعتوه (الثاني: العقل وهو نوع من العلوم الضرورية) كالعلم بأن الضدين لا يجتمعان ونحوه. قال شيخ الاسلام زكريا الأنصاري في