فالعدل الاستواء في الأحوال كلها (ويعتبر لها) أي العدالة (شيئان: الصلاح في الدين وهو أداء الفرائض بسننها الراتبة فلا تقبل) الشهادة (إن داوم على تركها) أي الرواتب (لفسقه) قال القاضي أبو يعلى: من داوم على ترك السنن الراتبة أثم وهو قول إسحاق ابن راهويه. وقال المحققون: نرد شهادته لذلك لما فيه من التهاون بالسنن المؤكدة.
قال في الفروع: ومراده أي القاضي أنه يسلم من ترك الفرض وإلا فلا يأثم بسنة (واجتناب المحرم) لأن من أدى الفرائض واجتنب المحارم عد صالحا عرفا، فكذا شرعا (فلا يرتكب كبيرة ولا يدمن على صغيرة) لأن اعتبار اجتناب كل المحارم يؤدي أن لا تقبل شهادة أحد، لأنه لا يخلو من ذنب ما لقوله تعالى: * (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم) * مدحهم لاجتنابهم ما ذكر.
وإن وجدت منهم الصغيرة. ولقوله (ص): إن تغفر اللهم تغفر جما، وأي عبد لك لا ألما. أي لم يلم. ونهى الله تعالى عن قبول شهادة القاذف، وقيس عليه كل مرتكب كبيرة، ولان من لم يرتكب كبيرة وأدمن على الصغيرة لا يعد مجتنبا للمحارم. وقال في الاختيارات: العدل في كل زمان ومكان وطائفة بحسبها فيكون الشهيد في كل قوم من كان ذا عدل فيهم، وإن كان أو كان في غيرهم لكان عدله على وجه آخر ولهذا يمكن الحكم بين الناس، وإلا فلو اعتبر في شهود كل طائفة أن لا يشهد عليهم إلا من يكون قائما بأداء الواجبات وترك المحرمات كما كانت الصحابة لبطلت الشهادات كلها أو غالبها (والكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة) كأكل الربا وعقوق الوالدين المسلمين وفي معتمد القاضي معنى الكبيرة أن عقابها أعظم والصغيرة أقل ولا يعلمان إلا بالتوقيف (زاد الشيخ أو غضب، أو لعنة، أو نفي إيمان، والكذب صغيرة) فلا ترد الشهادة به إذا لم يدمن عليه (إلا في شهادة زور أو كذب على نبي، أو رمي فتن ونحوه) ككذب على أحد الرعية عند حاكم ظالم (فكبيرة) قال أحمد في رواية عبد الله:
ويعرف الكذاب بخلف المواعيد (ويجب أن يخلص به) أي الكذب (مسلم من قتل) قال ابن الجوزي لو كان المقصود واجبا (ويباح) الكذب (لاصلاح) بين متخاصمين