وجد (على أسكفة دار أو) على (حائطها وقف، أو مسجد، أو مدرسة حكم به) أي بما هو مكتوب على هذه الأشياء المذكورة، لأن الكتابة عليها أمارة قوية فعمل بها لا سيما عند عدم المعارضة، وأما إذا عارض ذلك بينة لا تتهم ولا تستند إلى مجرد اليد، بل تذكر سبب الملك واستمراره فإنها تقدم على هذه الامارات، وأما إن عارضها مجرد اليد لم يلتفت إليها، فإن هذه الامارات بمنزلة البينة والشاهد واليد ترفع لذلك. قال ابن القيم في الطرق الحكمية في آخر الطريق الثالث والعشرين، (ولو وجد على كتب علم في خزانة) بكسر الخاء (هذه طويلة فكذلك) أي حكم بوقفها عملا بتلك القرينة (وإلا) أي وإن لم يعلم مقر الكتب ولا عرف من كتب عليها الوقفية (توقف فيها وعمل بالقرائن) فإن قويت حكم بموجبها، وإن ضعفت لم يلتفت إليها، وإن توسطت طلب الاستظهار وسلك طريق الاحتياط. ذكره ملخصا في الطرق المكية.
باب الشهادة على الشهادة والرجوع عن الشهادة سواء كانت أصالة أو على شهادة ولذلك لم يضمر وباب أدائها أي كيفية أداء الشهادة مطلقا. قال جعفر بن محمد: سمعت أحمد سئل عن الشهادة على الشهادة، فقال:
هي جائزة وكان قوم يسمونها التأويل. وقال أبو عبيد: أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق على إمضاء الشهادة على الشهادة في الأموال والمعنى شاهد بذلك لأن الحاجة داعية إليها لأنها لو لم تقبل لتعطلت الشهادة على الوقوف، وما يتأخر إثباته عند الحاكم أو ماتت شهوده. وفي ذلك ضرر على الناس ومشقة شديدة فوجب قبولها كشهادة الأصل (لا تقبل الشهادة على الشهادة إلا في حق يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي) وهو حقوق الآدميين من مال وقصاص وحد وقذف، (وترد) الشهادة على الشهادة (فيما يرد) كتاب القاضي إلى القاضي من حدود الله تعالى لأنها في معناه لاشتراكهما في كونهما فرعا لأصل، ولان الحدود على الستر والدرء بالشبهات والشهادة على الشهادة فيها شبهة يتطرق إليها احتمال الغلط والسهو والكذب في شهود الفرع مع احتمال ذلك في شهود الأصل، وهذا احتمال زائد لا يوجد في شهود الأصل، ولأنها إنما تقبل للحاجة ولا حاجة إليها في الحد لأن ستر صاحبه أولى من الشهادة عليه، (ولا يحكم بها) أي بالشهادة على الشهادة إلا