(وليس لمن انتسب إلى مذهب إمام) إذا استفتى (في مسألة ذات قولين أو وجهين بأن يتخير ويعمل بأيهما شاء) بل يراعي ألفاظ الأمة ومتأخرهما وأقربهما من الكتاب والسنة (وتقدم في الباب ويلزم المفتي تكرير النظر عند تكرار الواقعة)، كالمجتهد في القبلة يجتهد لكل صلاة وأما العامي إذا وقعت مسألة فسأل عنها ثم وقعت له ثانيا. فلم أر لأصحابنا فيها شيئا وقال القاضي أبو الطيب الشافعي: يلزمه السؤال الأول ثانيا إلا أن تكون مسألة يكثر وقوعها ويشق عليه إعادة السؤال عنها. فلا يلزمه ذلك ويكفيه السؤال الأول للمشقة نقله عن النووي في شرح المذهب، وقال في موضع آخر لا يلزمه في الأصح. لأنه قد عرف الحكم الأول والأصل استمرار المفتي عليه. انتهى. وهذا ظاهر كلام أصحابنا. (وإن حدث ما لا قول فيه) للعلماء (تكلم فيه حاكم ومجتهد ومفت) فيرده إلى الأصل والقواعد (وينبغي له) أي للمفتي (أن يشاور من عنده ممن يثق بعلمه إلا أن يكون في ذلك إفشاء سر السائل أو تعريضه للأذى أو) يكون فيه (مفسدة لبعض الحاضرين) فيخفيه إزالة لذلك، (وحقيق به) أي المفتي (أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلفت فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. ويقول إذا أشكل عليه شئ: يا معلم إبراهيم علمني) للخبر (وفي آداب المفتي ليس له أن يفتي في شئ من مسائل الكلام مفصلا بل يمنع السائل وسائر العامة من الخوض في ذلك أصلا) قال في المبدع: ولا تجوز الفتوى في علم الكلام بل نهي السائل عنه، والعامة أولى ويأمر الكل بالايمان المجمل وما يليق بالله تعالى ولا يجوز التقليد فيما يطلب به الجزم ولا إثباته بدليل ظني ولا الاجتهاد
(٣٨١)